ليبيا/ طارق عبدالقادر
السيد محمد علي محمد الهادي عضو المجلس الأعلى للدولة عن الجنوب وعضوٍ سابق بلجنة دعم الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب. وعضو لجنة الشؤون السياسية. وعضو لجنة إعداد القاعدة الدستورية يلقي باللوم على البرلمان الليبي لأنه رغم شراكته لمجلس الدولة لم يكن معهم في نفس التوجه نحو الانتخابات التي تنهي حالة الانقسام السياسي.
ويرى أن الحكومة التي أنتجها حوار جنيف لم تنل رضا دولا إقليمية مؤثرة في المشهد السياسي الليبي فدفعوا البرلمان ليضع لها العراقيل.
ويضيف بأن دعوات المصالحة التي تروج لها بعض الأطراف الآن هي في حقيقتها سعي لتحقيق مصالحهم الضيقة.
وفي حديثه عن الجنوب الليبي اتهم مخابرات دول لم يسمها بانها وراء استمرار الأوضاع السيئة خدمة لمصالحها.
س / هل يوجد لدى مجلس الدولة تصور واضح لحل الأزمة السياسية في ليبيا؟
ج/ طبعاً في البداية كان للمجلس رؤية واضحة واجتمع عليها كافة أعضائه وعمل عليها طيلة السنوات الماضية وكانت متمثلة في التوافق مع مجلس النواب الشريك الأساسي لمجلس الدولة للوصول إلى انتخابات برلمانية تفرز مجلس تشريعي جديد تعالج به كافة الانقسامات ولكن للأسف الشريك لم يكن معنا في نفس التوجه وبالأخص بعد نتائج حوارات جنيف والتي أفرزت مجلس رئاسي جديد وحكومة الوحدة الوطنية والتي أتت بخلاف ما يريده أغلب الدول المهتمة بالملف الليبي من المجتمع الدولي وبالأخص الدول الإقليمية وكانت هذه النتيجة سبباً في انقسام المجلس الأعلى للدولة بين مؤيد ومعارض لهذه النتيجة وأظهرت صراعاً واسعاً بين مشروعين: مشروع عقيلة صالح وخليفة حفتر و من وافقهم من المنطقة الغربية، ومشروع الرافضين لهم، ومن هناك بدأ الطرف الخاسر في حوارات جنيف في محاولات عديدة لإسقاط ذلك الوفاق وتمثل في عدم الموافقة على الميزانية، وسحب الثقة منً الحكومة، وزاد الانقسام حدةً والصراع قوةً بعد اختيار البرلمان لحكومة فتحي باشاغا. فكل هذه الأحداث ألقت بظلالها على وضع المجلس الأعلى للدولة وأثرت فيه تأثيراً كبيراً وانتقل الصراع من خارج المجلس إلى داخله بل وبين الرئاسة والأعضاء بمختلف توجهاتهم وأصبح المجلس الأعلى للدولة أشبه ما يكون بتيارين تيار يطالب بتغيير الحكومة والمناصب السيادية وتيار ملتزم بإجراء الانتخابات البرلمانية.
س / ما مدى قدرة المجلس الأعلى للدولة على فرض أو رفض ما تسعى له الدول الإقليمية التي تتدخل في ليبيا؟
ج / ليس مخفياً على احد بان مجلس الدولة منقسمٌ انقساماً حادّاً ومع ذلك يملك قراره من خلال جلساته وله المقدرة على الوقوف ضد أي محاولة من أي طرفٍ داخليٍّ أو خارجيٍّ ليست في مصلحة الوطن.
س / هل يوجد لدى أعضاء المجلس الأعلى للدولة قبول بأن تكون أطراف متهمة بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية حاضرة في المشهد السياسي بالتوافق مع مجلس النواب؟
ج/ جل الأعضاء يرفضون هذا، ولن يسمحوا لأي متهم بأي تهم تتعلق بسفك دماء الليبيين.
س / هناك من يعتبر مجلس الدولة خصما لحكومة الدبيبة. إلى أي مدى يعتبر هذا الوصف صحيحا؟
ج/ ليس دقيقاً. فالأمر قد يكون بين رئيس الحكومة السيد عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الأعلى للدولة السيد خالد المشري أو بين الدبيبة وبين الأعضاء الذين وقفوا ضد الدبيبة لدعم حكومة فتحي باشاغا هذا أولاً.
ثانياً: هذه قضية طبيعية في ظل ما تمر به البلاد وليست مهمة لدينا.
س / باعتباركم عضوا منتخبا من الجنوب الليبي .. ما هي أبرز مشاكل الجنوب الليبي التي تدفع سكانه للنزوح للشمال؟
المنطقة الجنوبية بطبيعتها الجغرافية الواسعة والمتداخلة مع عدة دول وأيضاً لسوء الأوضاع الاجتماعية سواءً فترة النظام السابق أو بعده وأيضاً نتيجة للتركيبة الاجتماعية المعروفة وللدول المتدخلة في الشأن الليبي ومع غياب الدولة و انهيار مؤسساتها بالجنوب وانتشار السلاح والانفلات الأمني نشبت عدة حروب وصراعات بين بعض القبائل والمجموعات المسلحة القادمة من بعض دول الجوار مما أنتجت وضعاً مأساوياً دفع العديد من المواطنين للهرب من تلك الأوضاع والبحث عن مناطق أكثر أمناً واستقراراً فمنهم من فر للشرق ومنهم من للغرب بحثاً عن ما افتقده بأرضه وبين أهله. طبعاً مخابرات بعض الدول عملت على استمرار سوء الأوضاع بالمنطقة والآن أصبحت سوقاً رائجةً للممنوعات المختلفة وأصبحت مناطق عبور للهجرة غير الشرعية وللتهريب.
س / هل دعوات المصالحة التي ترتفع في ليبيا حقيقية أم هي مجرد ورقة تلعب بها بعض الأطراف السياسية؟
وهل للمجلس الأعلى للدولة دورا في المصالحة؟
موضوع المصالحة موضوع كبير جداً فهي مهمة أوكلت أساساً للمجلس الرئاسي فهو المعني بها بالدرجة الأولى حسب الاتفاق السياسي ولكنها مع ذلك قضية تهم كل الليبيين فهي جسر العبور لبناء الدولة وهي الركيزة الأولى للاستقرار والداعم الأول للأمن والسلم فلهذا يتحتم على الجهات المعنية الالتزام بقواعدها الأساسية من العدالة الاجتماعية وتقديم المجرمين للعدالة ورد المظالم … الخ.
ولكن المصالحة اليوم باتت قرينة المصلحة فهي ورقة لتحقيق بعض المكاسب الضيقة .
ومجلس الدولة اهتم بهذا الملف بشكل كبير جداً
وشكل لجنة أساسية لهذا الملف وأسماها لجنة المصالحة الوطنية ولها نشاطات واسعة وأعمال استمرت طيلة السنوات الماضية منذ بداية تأسيس المجلس ، ومع هذا كله تبقى محصورة لعدم وجود الإمكانات اللازمة لتحقيقها كما أن هناك بعض الأطراف محلية وغير محلية تسعى دائماً ليبقى هذا الملف مفتوحاً دون التقدم فيه خطوةً واحدة وذلك لتحقيق مصالح معينة.
س / بعض الأطراف في ليبيا تتهم أعضاء مجلس الدولة باتشبت بالسلطة.
ما هو ردكم على هذا الاتهام؟
لا أعرف أحداً من أعضاء مجلس الدولة يرغب في البقاء بل يسعون لأجل الخروج من المشهد و تسليم الأمانة لمن يأتي من بعدهم ولهم حرص على ذلك وهم الطرف الوحيد الذي يطالب بالانتخابات البرلمانية دون غيرها وبهذا يغادر كلا المجلسين اللذان هما سبب الانقسام الذي افسد الحياة السياسية والذي كان سبباً لدمار البلاد وانهيارها.
س / هل يوجد تطلعات لدى الدولة الليبية للتعاون مع الاتحاد الأفريقي وماهي أبرز المجالات للتعاون؟
نعم توجد وهي كثيرة وبشكل دائم تتطلع الدولة الليبية لامتدادها وعمقها العربي والأفريقي وكانت هناك عدة محاولات لتفعيل الاتحاد المغاربي و تجمع (س&ص) ولكن لحساسية الملف الليبي والصراع الدولي والإقليمي عليه وتدخلات هذه الدول اضعف الدور الأفريقي في ليبيا وأيضا الأوضاع التي تمر بها أغلب الدول الأفريقية أوضاع صعبة للغاية. أوضاع سياسية واقتصادية أثرت سلباً في العلاقة بين الدولة الليبية والدول الأفريقية وخاصةً دول الجوار منها ، فهناك عدة مجالات بالإمكان التعاون فيها وأهمها الاقتصادية وهي كثيرة جداً .