تشهد لوس أنجلوس أكبر مدن كاليفورنيا وأحد أهم المراكز الاقتصادية في الولايات المتحدة، موجة احتجاجات عنيفة وتصعيد سياسي غير مسبوق منذ 6 يونيو 2025.
واندلعت الأحداث بعد مداهمات نفذتها وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) لاعتقال مهاجرين غير نظاميين، مما أثار غضب الجالية اللاتينية الكبيرة في المدينة، والتي تشكل جزءا حيويا من نسيجها الاجتماعي والاقتصادي.
و تحولت الاحتجاجات السلمية إلى مواجهات دامية مع قوات الأمن، وسرعان ما توسعت الأزمة لتصبح صراعا دستوريا بين الحكومة الفيدرالية بقيادة الرئيس دونالد ترامب وحكومة ولاية كاليفورنيا الديمقراطية تحت قيادة الحاكم غافن نيوسوم.
وتصاعدت الأحداث عندما أمر ترامب بنشر قوات الحرس الوطني في المدينة يوم 7 يونيو متجاوزا اعتراضات نيوسوم، الذي وصف القرار بـ”الوهم المجنون لرئيس ديكتاتوري”.
وبحلول 9 يونيو، وصلت إلى لوس أنجلوس كتيبة من مشاة البحرية (المارينز) قوامها 700 جندي، في خطوة نادرة تهدف إلى “حماية الممتلكات الفيدرالية” وفقا للبيت الأبيض، لكنها أثارت مخاوف من عسكرة الأمن الداخلي.
السياق السياسي والقانوني
يعكس الصراع خلافا عميقا حول صلاحيات الحكومة الفيدرالية مقابل حقوق الولايات.
واستند ترامب إلى “قانون التمرد” لعام 1807، الذي يسمح للرئيس بنشر الجيش دون موافقة حكام الولايات في حالات “التمرد الداخلي”.
لكن نيوسوم وصف هذا التحرك بـ”الاستبداد”، مؤكدًا أن كاليفورنيا قادرة على إدارة الأزمة دون تدخل خارجي، كما أعلن المدعي العام للولاية رفع دعوى قضائية ضد الإدارة الفيدرالية، معتبرا أن نشر الحرس الوطني انتهاك للدستور.
تصعيد الخطاب السياسي
ووصل التوتر بين ترامب ونيوسوم إلى ذروته عندما ألمح مستشارو الرئيس إلى احتمال اعتقال الحاكم الديمقراطي إذا “عرقل” سياسات الهجرة، فرد نيوسوم بتحد علني “تعالوا واعتقلوني!” .
كما اتهم ترامب كاليفورنيا بأنها “ملاذ للمهاجرين غير الشرعيين”، بينما وصفه نيوسوم بـ”الرئيس غير الكفء” .
تداعيات الاحتجاجات
وخلفت المواجهات أضرارا مادية جسيمة، بما في ذلك إحراق مركبات وتخريب ممتلكات، واعتقلت الشرطة عشرات المتظاهرين. من جهة أخرى، أثار نشر القوات العسكرية جدلا حول انتهاك حقوق التظاهر السلمي المكفولة دستوريا.
خلفية الهجرة
وتعد كاليفورنيا موطنا لأكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين في الولايات المتحدة (نحو مليوني شخص)، الذين يساهمون بشكل كبير في قطاعات الزراعة والخدمات.
وأعلنت الولاية نفسها “ملاذا آمنا” لهم، مما جعلها في صدام مباشر مع سياسات ترامب المتشددة.
مستقبل الأزمة
مع استمرار الاحتجاجات، يبقى السؤال حول مدى شرعية التدخل الفيدرالي وتأثيره على التوازن الدستوري.
بينما يرى البعض في الأزمة اختبارا لسلطة ترامب التنفيذية، يحذر آخرون من مخاطر تحويل الصراع السياسي إلى مواجهة بين الشارع والدولة.
وتظل لوس أنجلوس مدينة التنوع والاحتمالات في قلب عاصفة تختبر أسس الديمقراطية الأمريكية، حيث تتداخل قضايا الهجرة مع حقوق الولايات والحدود الدستورية لسلطة الرئيس.





