على بعد 136 كيلو متر من العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، يقع مخيم خرز للاجئين (الصومال) في محافظة لحج، عندما تتجول في أروقته، تستطيع أن تشاهد قصصا تحمل في طياتها الكثير من المعاناة، إذ تعيش الكثير من الأسر في مخيمات اللاجئين تحت ظروف قاسية وتحديات مريرة.
فاطمة الأخت الكبرى لستة أخوة، تعيش في المخيم وتحمل عبئا كبيرا على عاتقها، فهي ليست فقط أما لثلاثة أطفال، بل تعتني أيضا بوالدتها ووالدها، اللذين هم في أعمار متقدمة وبحاجة ماسة للرعاية.
بينما يكافح زوجها لكسب لقمة العيش بعمله اليومي، تحاول فاطمة بكل قوتها توفير ما يلزم لعائلتها، فقد تلقت تعليما جيدا واكتسبت العديد من الشهادات والمهارات، ولكن العثور على فرصة عمل مناسبة يبدو أمرا صعبا وغير متاح، تقول “أنا خريجة ثانوية عامة ولدي العديد من الشهادات والدورات ولكن مع هذا لم أحصل على أي عمل وحتى مترجمة في أي مركز”، مع هذه المعاناة تشق طريقها في الحياة، وتبذل مجهودا مضنيا في العمل بأعمال التنظيف بمنطقة البساتين “أنا أحاول العمل ولكن عملي متقطع أحيانا أذهب للبساتين أعمل بالنظافة، ولكن هذا لا يستمر طويلا”.
فالعمل الغير المستقر لا يكفي تلبية احتياجات فاطمة وعائلتها التي تزداد يوما بعد يوم، فالدخل الغير الثابت يجعلها تواجه صعوبات في تأمين الغذاء والمستلزمات الأساسية لأفراد عائلتها.
وتكافح فاطمة من أجل الحصول على الخضروات والمواد الغذائية الأساسية، وتعتمد على المساعدات القليلة التي تتلقاها من مفوضية اللاجئين، تتحدث قائلة “نحن نستلم راشن (مواد غذائية) من مفوضية اللاجئين بخرز كل شهرين، لا يوفي حاجتنا نهائيا نحتاج إلى خضار وسمك وحطب بين فترة وأخرى، ونحاول البحث عن عمل ولكن لا نجد”.
وحتى في محاولتها لتوفير وقود الطهي، تواجه فاطمة صعوبات إضافية، فخيارها الوحيد هو شراء الحطب الذي يأتي بتكلفة مالية، وهذا يزيد عبئها المالي الثقيل، كما أنهم يعانون ضعف الشبكات وصعوبة الاتصال بالعالم الخارجي، مما يجعلهم يعيشون في عزلة، تتكلم فاطمة “نحن نطبخ على الحطب ويكلفنا شراء الحطب أموالا، حتى التلفونات نشحنها بفلوس والشبكات ضعيفة جدا، تتوقف لبرهة وتتنهد قائلة “الحياة صعبة جدا هنا في المخيم”.
بدوره، أحمد جمال نائب مدير مكتب التسجيل لمخيم اللاجئين بمركز خزر يقول” يؤسفنا ما وصل له حال اللاجئين في عدن فهم فارون من ويلات بلادهم إلى هنا بلا جدوى، نحن هنا نحاول قدر المستطاع أن نساعدهم ولكن بحدود إمكانياتنا وصلاحياتنا، دون أن نتردد إن استطعنا”.
ويفيد جمال حول عمل مركز خرز للاجئين، قائلا “في المركز نعمل بتسجيل اللاجئين في البرنامج المخصص للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من ثم نصدر شيئين، الأول فورم فيه جميع أفراد الأسرة مرفقا مع كرت مواد غذائية، هذا يساعدهم باستلام المخصص لهم من قبل منظمة الغذاء العالمي WFP”.
ويضيف “الشيء الآخر نصدر بطائق لجوء إلى كل فرد، تساعدهم بعملية التنقل والعيش بشكل طبيعي في كل أنحاء اليمن، وتساعدهم بحياتهم اليومية مثل استلام الحوالات والمساعدات المالية من المنظمات الإنسانية، طبعا الفورم وكرت المواد الغدائية مخصص فقط لمخيم خرز”.
ويلفت إلى أن “في مخيم خرز يوجَد صومال بشكل أساسي وبعض العائلات من الأورومو الذين وتمت الموافقة عليهم من قبل الحكومة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين”.
وتقطن خضراء آدم (45) عاما أم لأربعة أطفال، في مخيم خرز للاجئين وتعاني ظروف صعبة جدا، وتشتكي من عدم قدرتها على تعليم أطفالها وعدم قدرتها على تأمين احتياجاتهم الأساسية، وتعبر عن أمنيتها بأن يتمكن أطفالها من استكمال تعليمهم كبقية الأطفال، تفصح عن معاناتها في العيش بالمخيم قائلة، “نحن وأطفالنا نتعرض لظروف صعبة جدا، أطفالي لا يستطيعوا الذهاب للمدرسة لا أقدر على تعليمهم، أتمنى أن يكملوا تعليمهم مثل باقي الأطفال”.
وتشير خضراء إلى أنه لا يوجد كهرباء بالمخيم وأنه يفتقر لأبسط احتياجات العيش، وأنها تحاول البحث عن عمل، ولكنها تواجه صعوبة في العثور على فرص عمل، ومن ثم يعتمدون على المعونات التي يحصلون عليها، والأجور اليومية لأزواجهم، تقول “ما في كهرباء بالمخيم، وأبسط ما نحتاجه لا نحصل عليه، حتى إننا نحاول البحث عن أعمال ولكن ما نجد، فنعيش على المعونات والأجر اليومي لأزواجنا”.
من جانبها، المحامية سارة علي عبدالله تنصح اللاجئين الباحثين عن حياة أفضل، أن يفكروا قبل قرار الهجرة، أولا كونهم يتعرضون لمخاطر أثناء الهجرة تصل إلى الموت، خصوصا المهاجرين عبر القوارب، وثانيا أنهم في المخيمات لا يجدون الحياة التي يأملونها عند تفكيرهم بالهجرة فاللاجئون بمخيم خرز يعانون أوضاعا صعبة وحياة غير مستقرة… لذلك يجب التفكير قبل اتخاذ قرار ترك البلاد والفرار إلى بلد آخر.
ويروي إسماعيل عثمان كيف يتعايش مع الظروف بالمخيم ويوفر احتياجات أسرته “أنا أعيش في المخيم ولكن أضطر أحيانا النزول لمدينة عدن لأجل العمل، فأنظف السيارات، وعندما أعمل بمبلغ مناسب أعود به لأسرتي بالمخيم، وهم ينتظرون بفارغ الصبر لأعود إليهم بشي بسيط من احتياجاتهم”.
ووفقا لجمعية التكافل الإنساني يضم مخيم خرز للاجئين حوالي 17 ألف لاجئ مقيم فيها دائما 50 % منهم تقريبا من الأطفال.
وبحسب تقرير الهجرة الدولية فإن عدد المهاجرين الدوليين بلغ نحو 270 مليونا على الصعيد العالمي، وبحسب الأرقام الجديدة الصادرة في تقرير إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية أن 3.2 في المائة من سكان العالم، يعيشون خارج أوطانهم في أنحاء العالم.