عدن/ هلا عدنان أمين
الساعة الرابعة والنصف مساءً عادت الطالبة نسمة من مدرستها وهي تجر حقيبتها، متثاقلة الخطوات على غير عادتها في توقيتها اليومي لدوامها المسائي، وعلى وجهها علامات الإحباط.
وقد حملت لوالدتها خبر الإضراب في مدرستها، وهي مازالت في بداية عامها الدراسي، بعد أن أخبرتها مدرستها بأن تتوقف عن الدوام إلى أن يتم إشعارها في وقت لاحق.
نسمة وغيرها من زميلاتها وزملائها في مدارس محافظة عدن(جنوب اليمن)، كان قرار الإضراب محبطًا لهم، وفي نفس الوقت قد يكون مفرح لطلاب آخرين الذين يعتبرون أنهم سيعودون إلى الإجازة دون إدراكهم لتبعات هذا الأمر.
أبواب مغلقة
فمدارس محافظة عدن تواصل إغلاق أبوابها بالاضراب الشامل، منذ بداية الاسبوع الثالث من العام الدراسي الجديد.
وجاء قرار الإضراب تعبيرًا للمعلمين عن رفضهم التام لتحويل مرتباتهم الحكومية إلى البنوك وشركات الصرافة.
رأي النقابة
وأكد عضو نقابة المعلمين والتربويين الجنوبيّين في عدن، فهمي المحروقي، إن إضراب المعلمين مستمر حتى يتم العدول عن قرار وزير المالية بتحويل مرتبات التربويين إلى البنوك.
وقال المحروقي في تصريحات لمصادر صحفية، أن المعلم تكبد خلال تاريخه صنوفًا من المعاناة، وما زال مستمرًا في أداء رسالته، غير أن تهديد معاشه وجعله تحت رحمة الصرّافين والبنوك الخاصّة لن يمر مرور الكرام، حد قوله.
وأهاب المسؤول النقابي محذرًا من تحويل مرتبات موظفي الدولة من البند الأول (أجور ومرتبات)، إلى البند الرابع (هبات وتبرعات)؛ ومنح المنظمات والدول المانحة فرصة التحكم بقوت الموظفين.
معاناة المعلم
وتقول الأستاذة سوسن عبدالقادر مدرسة في إحدى مدارس مديريات محافظة عدن، أن الإضراب حق من حقوق الموظف المتضرر، لاسيما وأن الراتب الدخل الوحيد للمعلم، وبتحويل المرتبات إلى هبات هذا ليس في مصلحتنا، كما أن توقيف العمل ليس في مصحتنا ولا مصلحة الطلاب، ولكن ليس بيدنا أي وسيلة للتعبير عن الرفض.
وطالبت عبد القادر بأن ينظر في أمر مرتبات المدرسين وأن لا يتركوهم في مهب الريح، متمنية أن تستقر المرتبات وعمل تسويات وعلاوات فهذه مطالب قديمة للمدرسين، مناشدة الحكومة بضرورة إخراج الرواتب من بند الأجور إلى بند الإيرادات.
وتضيف، :”أنا على أبواب التقاعد وأعمل منذ 34 عام، وراتبي لايتجاوز بما يعادل 80 دولار، فهذا لا يغطي النفقات الأساسية كالعلاج وغيرها”.
وتؤكد الأستاذة دنيا معلمة في مدرسة بمديرية أخرى، أن المعلمين متمسكين بمطلبهم، وإن حدث واستلم بعضهم مرتباتهم عبر البنوك لهذا الشهر، لا يعني تراجعهم عن قرار الإضراب.
قلق الأهالي
وأثار قرار الإضراب قلق ومخاوف لدى أولياء الأمور وأهالي الطلاب، أن ينعكس الإضراب سلبًا على أبنائهم جراء الإضراب المستمر للمعلمين، والإضرار بالعملية التعلمية لاسيما وأن في السنوات الأخيرة زادت الاحتجاجات والتعبير عنها بالاضراب بسبب عدم الإلتفات لمطالب المعلم، الذي يعد أهم شريحة في المجتمع لبناء الأجيال القادمة.
وكانت وزارة المالية اليمنية قد أصدرت قرارًا في مطلع أغسطس الماضي بصرف مرتبات موظفي الدولة عبر البنوك التجارية، بما فيها الخاصة والحكومية، مبررةً قرارها بأنه يأتي ضمن الإصلاحات المالية والنقدية التي تنتهجها لتحسين مستوى الاقتصاد اليمني.
ويعاني قطاع التعليم والمعلمين في اليمن منذ سنوات، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والانسانية، من صعوبات كبيرة، وأهمها الأجور الضئيلة مع تراجع العملة اليمنية التي يتقاضى بها المعلم المعلم مرتبه، ولا تمكنهم من تأمين المتطلبات الأساسية في الحياة، والعيش بكرامة في المجتمع.