بقلم عمر الانصاري الخبير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد:
فقد تم اثارة تساؤل عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حكم راتب المستشار فارغ المهام وتداوله الناس بين مازح وجاد و محلل ومحرم.
ونص السؤال باللغة الفرنسية حسب ما ترجم لي كالتالي:
( رواتب المستشارين بلا مكاتب في كل من الرئاسة والبرلمان ورئاسة الوزراء ومجلس الشؤون الاقتصادية والاجتماعية…
هل حلال او حرام؟)
أولا: حسب فهمي للسؤال، السائل يقصد راتب مستشار بلا مشورة في الواقع وليس بلا مكتب فقط كما في النص المترجم.
ولمحاولة الحكم على الشيء لابد من إعطاء تصور شامل عنه.
ثانيا: الاستشارة لدى المسؤولين موجودة منذ القدم ولقد وثق القرآن الكريم صور منها:
-استشارة فرعون لملائه في أمر موسى عليه السلام.
-استشارة الملكة بلقيس لرجالها في قبول دعوة نبي الله سليمان عليه السلام
وارشد الله عز وجل نبينا عليه الصلاة والسلام إلى مشورة أصحابه “وشاورهم في الأمر”
ووصف الله المؤمنين بالتشاور “وامرهم شورى بينهم”
وفي السنة كذلك ما يؤيد التفسير العملي للقرآن باستشارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه في السلم والحرب والصلح.
ثالثا: أختلف الفقهاء في حكم الشورى هل هي واجبة او سنة على الحكام.
وكذلك أختلفوا بعد صدور المشورة هل ملزمة للحاكم او معلمة له فقط.
رابعا: فبناء على ما تقدم لا يشك مسلم في مشروعية الاستشارة.
خامسا: وبالنسبة لأخذ الأجرة على الاستشارة فهو مشروع لاعتبارها منفعة وكل منفعة يمكن إيجارها.
فالآن نعلم مشروعية الاستشارة وجواز أخذ الأجرة عليها.
سادسا: فما حكم اجرة مستشار بلا مشورة؟
القاعدة الفقهية في الإجارة “الأجرة مقابل المنفعة”.
فبناء على ذلك لا يصح عقد الاستشارة بلا مشورة.
ولكن قد يقول المستشار: هو مستعد لإعطاء المشورة لو طلبت منه؟!
نقول له: صحيح، ولكن ينبغي أن يستقيل إذا مكث اشهرا بلا مشورة.
وهنا أيضا نفرق بين القطاع العام والقطاع الخاص.
في القطاع الخاص نقول: لمالك المؤسسة تعيين مستشارا فارغا كما له أن يتبرع على من يشاء بمبرر او بدون مبرر.
أما القطاع العام فالمسؤولون أمناء على أموال الشعب فلا يجوز لهم صرفها إلا فيما يعود على شعوبهم بالمنفعة.
فمن هذا المنطلق ممكن القول بأن المستشار الفارغ يجوز له راتبه من ناحية استعداده لتقديم المشورة؛ ولكن لا يجوز للمسؤول بالقطاع العام تعيين مستشارا لا يحتاجه وهو مسؤول عن صرف هذا المال في غير وجه الحق في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
عمر مختار محمد
نيامي – جمهورية النيجر
يوم الأربعاء 17/07/1444 هجري
الموافق 08/02/2023 ميلادي