ابراهيم الانصاري
استفاق العالم الأربعاء الماضي على أصداء قيام رئيس الحرس الرئاسي في النيجر الجنرال عبدالرحمن تشياني باحتجاز رئيس الدولة محمد بازوم وأسرته وعدد من وزرائه على حلقة جديدة من حلقات الانقلابات العسكرية في القارة الإفريقية، لا تنتهي في بلد حتى تبدأ في آخر، حيث شهدت دولتي الجوار مع النيجر مالي وبوركينافاسو انقلابات عسكرية، أدت إلى تغيير الكثير من المعادلات والتوازنات السياسة والعسكرية في المنطقة يأتي في أبرزها ارتخاء القبضة الفرنسية، واستبدالها بالدب الروسي من خلال قوات فاغنر، التي يزداد انتشارها في القارة تدريجيا.
لم يخلو الانقلاب رغم طبيعته المتسمة بالهدوء من بعض الأحداث، حيث تعرض عدد من النواب في البرلمان لاعتداءات بالضرب، وحرق سياراتهم، كما اندلعت عدة مظاهرات في أماكن متفرقة من البلاد، أغلبها مؤيدة للانقلاب، مع وجود بعض الأصوات الداعية لعودة الرئيس محمد بازوم لمنصبه.
تردد الجيش النيجري في بداية الأحداث في اتخاذ قرار حاسم من الأحداث، وفضل مراقبة الوضع، الأمر الذي تم تفسيره على أنه جمع بين الترقب، والعمل على إجراء الترتيبات اللازمة لمرحلة ما بعد بازوم، حيث أصبحت قيادة الجيش في حال اجتماع مستمر، الأمر الذي انتهى بإعلان قيادات الأركان انضمامهم إلى إعلان الانقلاب، مبررين ذلك بالمحافظة على سلامة الرئيس وأسرته، وحقنا للدماء، وحفاظا على وحدة القوات المسلحة وتماسكها، وضمان استمرارها في مهامها لحماية أمن البلد ومكافحة الإرهاب، كما هددت أن ردها سيكون صارما في حال القيام بأي محاولة تدخل أجنبي.
إدانات دولية
توالت ردود الفعل الدولية المنددة بانقلاب النيجر والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم وتعيين قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبد الرحمن تشياني رئيسا للمجلس العسكري الجديد، ويأتي موقف المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “الإيكواس”، الرافض للانقلاب، إضافة لمجلس الأمن، ومواقف مشابه من كل من فرنسا والولايات المتحدة.
فرنسا ويوسفو عجلا بسقوط بازوم
في محاولة لمعرفة الأسباب التي دفعت قائد الحرس الرئاسي للانقلاب، والخفيات السياسية للحدث يقول الدكتور جبريل ابوبكر احد قيادات المجتمع المدني في نيامي:
هناك معلومات عديدة حول أسباب الانقلاب، تفيد بعضها أن سيطرة الرئيس السابق محمدو يوسوفو في الرئاسة من خلال أن كل الحرس الرئاسي هو من وضعهم في مناصبهم، وبالتالي فهم و يوالونه وهو يستخدمهم للتدخل في قرارات تسيير البلاد، الأمر الذي دفع بازوم للبدء في عزلهم و استبعادهم للتخلص من سيطرة الرئيس السابق، و المعلومة الثانية حول اسباب الانقلاب تذهب باتجاه أن بازوم لديه خلافات قوية مع الفرنسيين وبداء يلوح بالرغبة في التخلص من علاقته معهم، يؤكد ذلك مقطع له بالغة الهوسى يصرح بذلك و يقول بأنه سوف يستغني عن فرنسا وويعمل على الخروج من الاعتماد على عملتهم، إلى إضافة إلى العديد من الإجراءات التي تضعف القبضة الفرنسية عن البلاد، أما القول الثالث وهو الذي ينشره الداعمون للجيش هو أنه أي الجيش سئم من التبعية لفرنسا، وأراد أن يحذو حذو مالي وبركينا فاسو للتخلص من فرنسا من خلال الاستيلاء على السلطة، واتخاذ الإجراءات التي تضمن ذلك.
وحول ما يمكن أن يتحقق من إيجابيات نتيجة للانقلاب، يضيف الدكتور جبريل، أن بوادر الأمل التي يراها شعب النيجر في هذا الانقلاب هو احتمال حدوث تغيير، بحيث ان الشعب سئم عدم الشفافية في إدارة الأمور، وخاصة الحاكم السابق، وهذا الأ مر استشعره بازوم في الأونة الأخيرة، و بداء في خطوات أرد من خلالها الاقتراب من الشعب بشكل أكبر.
من جانبه علق عمر مختار الأنصاري عضو المكتب السياسي الوطني لحزب التجديد الديموقراطي والجمهوري على ما يحدث في النيجر بقوله:
-الوضع متوتر حتى الاحزاب السياسة القوية بالمعارضة ما زالت لم تتضح لها الرؤية إلى الآن، رغم كونها معارضة، وتأييدها للانقلاب أمر بديهي، إضافة إلى الضغوطات الدولية الكبيرة جدا وخاصة فرنسا وأميركا، بالتنسيق مع دول الاكواس واحتمال أن يكون هناك ايضا دعم او تحرك عسكري على صعيد الاكواس.
وحول أسباب الانقلاب يضيف الأنصاري:
الانقلاب سببه توتر داخلي في الحزب الحاكم بين وزير برئاسة الجمهورية والجنرال المسؤول عن حماية القصر الرئاسي، إضافة إلى أن مدبر الانقلاب ليس قصده الانقلاب إنما قصده وصول إلى تسوية مع رئيس الجمهورية ثم تدخل ٱخرون مقصدهم الانقلاب، وهذا هو السبب وراء تردد الجيش في اتخاذ موقف حاسم منذ البداية.
وعن موقف الشعب النيجري من الانقلاب يؤكد عضو المكتب السياسي الوطني لحزب التجديد الديموقراطي والجمهوري أن أغلب الشعب يرحب بالانقلاب لأن الشعب يرى أن الشرعية مع المعارضة وإنما تم تزوير الانتخابات الأخيرة لصالح الحزب الحاكم، وللمعارضة تأثير كبير على الشارع في نيامي لأن غالبية سكان نيامي يتبعون للأحزاب المعارضة.
وأبان الأنصاري أنه من الصعب أن تشبه النيجر مالي وبوركينا فهناك عدة فروق والشعب النيجري مسالم بطبعه وفرنسا إن لم تستطيع إعادة بازوم سوف تصر على البقاء مهما كلفها الأمر سياسيا واقتصاديا، لأن المصالح الاقتصادية الفرنسية في النيجر أكبر من مصالحها في مالي وبوركينا فاسو أضف إلى ذلك أن النيجر الان هو الشريك الأمني لفرنسا والإتحاد الأوروبي وإضافة لأميركا.