إفريقيا

زيارة عمار الحكيم إلى مصر…الأبعاد والدلالات

مصطفى الزواتي

لتحريك المياه الراكدة ولأجل اذابة الجليد بين طهران والقاهرة، كان هو الهدف الأساسي لزيارة رئيس تيار الحكمة العراقي عمار الحكيم إلى مصر مؤخراً، حيث جاءت الزيارة على مستوى عالي من الحفاوة والاستقبال التقى فيها بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وبوزير الخارجية سامح شكري، كما قابل شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وكذلك البابا تواضروس الثاني، إضافة إلى مسؤولين آخرين كل

ارادة عراقية أنبوب النفط والذي سيلحقه أنبوب للغاز بين البصرة والعقبة ومنه الى العريش سيوفر فرصة استراتيجية لربط مصالح الطاقة بين هذه البلدان وستشهد هذه البلدان الثلاث تطوراً كبيرا.

الزيارة كانت بضوء أخضر إيراني وتأتي في إطار الجهود العراقية-العمانية في إعادة العلاقات المصرية-الإيرانية واعادتها من جديد بمسارها الطبيعي،

كما وتأتي ضمن إطار جولة قام بها الحكيم لعدد من الدول العربية، التي شملت السعودية والأردن وعدداً من الدول الأخرى، تهدف بحسب مصادر مطلعة من داخل تيار الحكمة لاطلاع القادة العرب على مُجريات العملية السياسية في العراق وحثهم على التقارب مع الجانب الإيراني.

الحكيم حمل رسائل إيجابية من طهران

واقعاً هذه الزيارة أتت في ظل ظروف استقرار سياسي في الداخل العراقي مع وجود الحكومة العراقية حكومة “الإئتلاف” والقوى السياسية المجتمعة والمنضوية ضمن هذا الائتلاف والذي تمّ تشكيلها في مكتب السيد الحكيم في حينها.

ويكشف عضو الهيئة العامة لتيار الحكمة الوطني فهد الجبوري في تصريحات خاصة لـ”الرؤى الافريقية”، أنّ مثل هذه الزيارات تأتي ضمن سلسلة زيارات قام بها عمار الحكيم، لغرض فتح العلاقات

هناك تنافر وابتعاد واحتدام كبير مع دول الجوار، الزيارة الى مصر كانت في أجواء رسمية عالية المستوى وحفاوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتفاعل ايجابي من مسؤولين مصريين آخرين مع هذه الزيارة، كاشفاً أنّ الأمور التي تمت مناقشتها كانت فيما يخص إعادة استقرار العراق والنظر الى التجربة المصرية الجديدة في مواضيع إعادة الاعمار وبناء المدن الجديدة.

ويكشف عضو تيار الحكمة الجبوري أنّ السيد الحكيم عمل على توضيح رؤيته عن الوضع الجديد في المنطقة وأهمية التقارب الإيراني مع دول المنطقة منها التقارب الإيراني مع السعودية، حيث طرح الحكيم على السيسي أهمية التقارب مع ايران كما طرح ذلك الأمر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان و العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أثناء زيارته إلى السعودية والأردن في وقت سابق.

ويؤكدّ الجبوري أنّ هذه الزيارات التي تمت إلى مصر والأردن والسعودية هي زيارات مجتمعية،  تتلوها جوانب سياسية وبعدها يتلوها تعاون على مستوى الطرفين وتذليل العقبات بين دول المنطقة، منوهاً إلى أنّه سيكون هناك تنسيق في الفترة المقبلة.

وجرى هناك توضيح حقيقي ونقل لرؤية لاستقرار المنطقة بين الجانب الإيراني-المصري، بحسب تأكيدات الجبوري، منوهاً إلى أنّ الحكيم حمل رسائل ايجابية لتقريب وجهات النظر بين البلدين، والابتعاد عن الخلافات بين الدول العربية ودول المنطقة، والتي تأتي ضمن تحركات دولية وإقليمية لإشعال المنطقة.

زيارة الحكيم إلى مصر في ظاهرها أنّه العلاقات الاقتصادية، وفي باطنها أنّها تأتي خدمة للمشروع الإيراني، وهذا ما يؤكده المحلل والأكاديمي السياسي العراقي د. عماد الدين الجبوري، في حديث خاص لـ”الرؤى الافريقية”، مؤكداً بأنّ هؤلاء تابعين لإيران وينفذون منذ عشرون سنة المشروع الإيراني في العراق والمنطقة العربية، والعمل يجري لصالح ايران لاسيما بعد المصالحة الأخيرة والتقارب الذي جرى بين السعودية وايران، فايران تريد العودة الى المنطقة، لأنّها ليست فقط في زاوية حرجة، بل أصبحت منبوذة في المنطقة بحسب رؤية الجبوري، ومشروعها الطائفي لن يستمر بالقوة.

ولذلك فهي تلجأ حالياً إلى استخدام السلاح الناعم عبر الاقتصاد وعبر التقارب السياسي وما يخدم شعوب المنطقة، إلا أنّه في نهاية الأمر إيران لن تتخلى عما تحمله من عقيدة ومشروع طائفي مستمر عليها منذ أربعة عقود.

ويكشف الجبوري أنّ عمار الحكيم تحدث مع الرئيس المصري السيسي حول التأثير على الأردن لسحب الترخيص القانوني من قبل حزب البعث العربي الاشتراكي الأردني، وردّ عليه السيسي بأنّ هذا الشأن هو داخلي، وأنّ هذا الطلب يوجه إلى الأردن، منوهاً إلى أنّ الحكيم لن يتحرك إلا بما يخدم المشروع الإيراني.

ويشير الجبوري إلى عمار الحكيم ذهب إلى السعودية ودول عربية كالأردن واستقبلوه وهو لا يحمل أي منصب رسمي، لكنّ تلك الدول تدرك أنّه شخصية معتبرة وثقيلة لدى إيران، بخلاف عرب الشيعة في العراق المولين لإيران فهم يعتبرون تابعيين، حيث أنّ شخصية الحكيم في العراق يعتبر فاعلاً رئيسياً لاعتبار أصله الفارسي، مشيراً إلى أنّ الرؤساء العرب عندما يستقبلون عمار الحكيم يعلمون جيداً من هو والحظوة التي يتمتع لدى طهران، كاشفا أنّ زيارته الأخيرة هي خدمة للمشروع الإيراني في المنطقة.

وحول الضجة التي افتعلتها أحزاب الإطار التنسيقي وعلى رأسهم حزب الدعوة العراقي من زيارة الحكيم إلى مصر على اعتبار الصفة التي ذهب بها الحكيم إلى مصر لكونه شخصية لاتمثل الحكومة العراقية بشكل رسمي، يؤكدّ الجبوري أنّ تلك الأحزاب والفصائل تخشى من التهميش لأنّها تعتبر مسلوبة الإرادة سواء من قبل طهران أو واشنطن باعتبارهم صنيعة في المشهد السياسي العراقي وليسوا أصلا، وبالتالي فهم يخشون أن يخسروا المكاسب التي حصلوا عليها خلال العقدين الماضيين وهم يعملون أنّ القرار في النهاية يتم ما بين واشنطن وطهران بحسب مصالحهما في المنطقة.

امتداد للوساطة العراقية لاعادة العلاقة بين القاهرة وطهران

ويؤكدّ مراقبون أنّ ما قام به السيد عمار الحكيم في الزيارة الأخيرة لمصر هو لتكملة المشوار الذي كانت تقوم به بغداد للوساطة بين القاهرة وظهران، حيث كانت هناك وساطة كان يقوم به رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي السابق لإعادة بين مصر وإيران، بحسب ما يكشف عنه مدير مركز الرفد للدراسات الاستراتيجية الدكتور عباس الجبوري  في تصريحات لـ”الرؤى الافريقية”، وذلك على شاكلة ما حصل من عودة العلاقات بين السعودية وإيران، حيث يحاول العراق أن يلعب دور الوسيط في هذا الجانب، وبما أن فترة الكاظمي انتهت، فإنّ الحكيم يسعى بحسب ما يؤكدّ عليه الجبوري إلى أن يكون هو الوسيط، لضمان استمرار العلاقة بين القاهرة وبغداد، وفي نفس الوقت الوساطة بين مصر وإيران.

ويرى الجبوري بأنّ العلاقات الاقتصادية مهمة جداً، خاصة أنّ مصر والعراق تربطهم علاقات طويلة واستراتيجية ولا يمكن لها أن تنتهي، مشيراً إلى أنّ الزيارة التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة العراقية بغداد قبل ما يقارب العامين، هدفت إلى تعزيز العلاقات بين بغداد والقاهرة وأصبحت متينة من خلال التبادل التجاري والاقتصادي وتبادل الخبرات.

وبالتالي فإنّه بات هناك مجال اليوم للاستثمار في العراق من قبل الشركات المصرية التي كانت تعمل في العراق وسبق أن عملت في زمن الحرب، إلى جانب أكثر من مليون مصري كانوا يعملون في العراق ولا يزال قسم منهم متواجداً فيها.

ويعتبر الجبوري أنّ زيارة الحكيم إلى مصر تسعى إلى ترميم بعض الهفوات والمثالب، في العلاقة مع بين القاهرة وبغداد من جانب والقاهرة وطهران من جانب آخر، وستكون بناء أساسي للعلاقات العربية المشتركة باعتبار أنّهما لاعبتان أساسيتين في الجامعة العربية ولهما دور كبير.

ويكشف الجبوري أنّ هذه الزيارة هي جزء من عملية بناء العلاقات وترصينها على المستويات المختلفة الاقتصادية التجارية السياسية، وفي نفس الوقت تأتي لاستمرار الوساطة لاعادة العلاقة بين طهران والقاهرة.

أما المحلل السياسي سلام الربيعي د. سلام الربيعي، فيؤكدّ بدوره في تصريحات خاصة لـ”الرؤى الافريقية”، أنّ الحركة المكوكية للسيد عمار الحكيم التي تترجمت في الجولات العربية الأخيرة إلى السعودية والأردن، و والتي جاءت مع المساعي لإعادة العراق للحضن العربي، تأتي بسبب أنّ الخارطة السياسية اليوم فيها تغيرات كبيرة والتي بدأت في الساحة عبر التقارب العربي-الإيراني من خلال عودة العلاقات السعودية-الايرانية والمبادرات لإعادة العلاقات المصرية-الإيرانية.

كما وتأتي زيارة الحكيم بحسب تأكيدات الربيعي أيضا لإبعاد مصر عن التأثيرات الأمريكية والصهيونية، معتبراً بأنّ هذه الزيارة هي من الممهدات لعودة العلاقات المصرية-الإيرانية التي ستشهدها المنطقة قريباً.

وكانت قناة “روسيا اليوم” قد نقلت عن مصادر مطلعة أنّ زيارة الحكيم إلى القاهرة جاءت بعد اجتماعات عدة احتضنتها بغداد خلال الفترات الماضية بين مسؤولين أمنيين من البلدين.

وأوضحت أنّ الرسائل التي نقلها الحكيم كانت إيجابية، وتلقى ردوداً إيجابية من السيسي بشأن العلاقة بين طهران والقاهرة.

You May Also Like

الشرق الأوسط

لا يزال الحديث عن جماعة “الأحباش” الدينية في الأردن وتمددها وصعودها يثير العديد من التساؤلات عن حقيقة تلك الجماعة بين الفينة والأخرى، فمن هي...

غرب إفريقيا والساحل

كشفت جماعة نصرة الإسلام و المسلمين في مالي مقتل 70 مسلحا ممن وصفتهم بالخوارح، في إشارة إلى ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وذلك...

غرب إفريقيا والساحل

عثمان اغ محمد عثمان أدى هجوم شنته ميليشيات فاغنر الروسية برفقة عناصر من الجيش المالي، اليوم الثلاثاء، على السوق الأسبوعي لقرية “كيتا”، شمالي مالي،...

شمال إفريقيا

قاد العميد اغلس محمد أحمد، قائد الكتيبة 173 المشاة في أوباري، يوم الثلاثاء، مناورات عسكرية استباقية قوية، تهدف إلى تصدّي أي تهديدات محتملة من...

Copyright © 2021 AfricanPerceptions.org

Exit mobile version