أعلنت الحكومة في مالي أنها تمكنت من تحرير ثلاثة رجال صينيين تم إختطافهم من طرف جهاديين تابعين لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (تنظيم القاعدة) في السابع عشر من شهر أوت الماضي، عندما كانوا يعملون في مشروع إنشاء طريق معبد بمنطقةكاي (جنوب غرب البلاد)، قرب الحدود مع موريتانيا، قبل أن يهاجم الجهاديون مقر شركتهم ويشعلون النار في معدات عملهم، واقتادوا الصينيين الثلاث بالإضافة إلى موريتانيين إثنين إلى وجهة مجهولة، ليفرجوا بعد أيام قليلة عن الموريتانيين بعد مساع وساطة قادها المصطفى الشافعي وهو موريتاني يعرف عنه قربه من الجماعات الجهادية في منطقة الساحل، وسبق له أن قاد مفاوضات ووساطات بين حكومات دول وتلك الجماعات.
فيما كان مصير الصينيين الثلاث مجهول بشكل كامل، إلى أن تفاجأ الجميع بظهورهم على شاشة التلفزيون الوطني المالي مساء الثلاثاء الماضي، وهم بجنب رئيس الدولة الكولونيل آسيمي غويتا الذي صرح أن نجاح مهمة الإفراج عن الرجال الصينيين تمت بفضل تعاون وثيق بين القوات المسلحة المالية الخاصة، وإدارة المخابرات الوطنية، دون إشارة منه لمفاوضات مع الخاطفين.
السيناريو ذاته وعامل المفاجأة عاشه الماليون والمتابعون للشأن المالي قبل ثلاثة أسابيع، عندما ظهرت حينها الرهينة الكولومبية غلوريا ساسيليانارفيزGloria cecilia Narvaez وهي حرة طليقة وفي ضيافة رئيس البلاد غويتا، السيدة نارفيز البالغة من العمر 59 عاما، وهي مبشرة مسيحية، كانت قد أختطفت من طرف تنظيم القاعدة في مالي منذ شهر فبراير عام 2017، حينما كانت تؤدي مهمة تبشيرية بمنطقة سيكاسو (أقصى جنوب البلاد).
ويأتي هذا الإفراج عن الصينيين الثلاث والسيدة الكولومبية بعد عام واحد من نجاح النظام العسكري القائم في مالي، نجاحه في عقد صفقة كبيرة مع جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (تنظيم القاعدة) في شهر أكتوبر 2020، قامت بموجبها الجماعة بالإفراج عن الرهينة الفرنسية صوفي باترونينSophie Pétronin والرهينتين الإيطاليينالأبPiere Luigi Maccalli و السائح Nicola Chaicchio بالإضافة إلى السياسي المالي الراحل سوميلاسيسىSoumïla Cissé ، مقابل إفراج السلطات المالية عن 230 سجين من المقربين من الجماعة الجهادية.
السيدة الفرنسية صوفي باترونينالتي تثير في الآونة الأخيرة جدلا في فرنسا، بعد أن عادت بشكل سري للإقامة فيمالي منذ شهر مارس الماضي، وهو الأمر الذي وصفه ساسة فرنسيون بأنه عمل غير مسؤول،فيما تصر باترونين على أنها تعتبر مالي بلدا لها.
هذا التخوف من طرف الساسة الفرنسيين من عودة مواطنتهم إلى مالي له ما يبرره، فلا يزال مواطن فرنسي آخر في يد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في مالي، وهو الصحفي أوليفيا ديبواOlivier Dubois 47 عاما، إختطفه الجهاديون من مدينة غاو (شمال البلاد) بعد أن إستدرجوه من العاصمة باماكو، بحجة منحه مقابلة صحفية حصرية مع زعيم الجماعة الجهادية أياد أغ أغالي، ليظهر بعد شهر من تاريخ إختفائهفي مقطع مصور، أكد فيه أنه محتجز لدى الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة، وناشد حكومة بلاده بأن تعمل على الإفراج عنه.
هذا وتؤكد تقارير إعلامية وأمنية أن الجماعة الجهادية تحتجز عشرات الماليين كرهائن، غالبيتهم من ممثلي الدولة في الدوائر والبلديات النائية، فضلا عن عدد من الجنود الماليين، وبعض المنتخبين المحليين،والفنانين،والمدرسين.
وينتهز النظام العسكري الحاكم في مالي كل فرصة ليؤكد على إلتزامه بمواصلة بذل جهوده لإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين بحوزة الجماعات الجهادية في مالي، وهو الإلتزام الذي تسعى من خلاله حكومة باماكو إلى نيل رضى المجتمع الدولي، الساخط عليها، والظهور في صورة المخلص الذي يحقق الحرية للرهائن الأجانب و الماليين، وإعتاقهم من قياهبالإعتقال والأسر لدى الجماعات المسلحة.