Connect with us

Hi, what are you looking for?

مقالات رأي

مفاوضات النصرة وجبهة تحرير أزواد: هل نشهد تكرار سيناريو سوريا؟

تشهد منطقة الساحل الأفريقي، خاصة منطقة شمال مالي، إقليم أزواد، تطورات متسارعة في المشهد السياسي، حيث كشفت مصادر مقربة عن مفاوضات جارية بين جماعة نصرة الإسلام و المسلمين وفصائل أزواد، وعلى رأسها جبهة تحرير أزواد، حول إعادة صياغة العلاقة بينهما. تأتي هذه المحادثات وسط محاولات وساطة قادتها شخصيات دينية من المنطقة، بهدف إيجاد مخرج يحافظ على المصالح المشتركة مع الالتزام بتحكيم الشريعة والاحتفاظ بالمطالب التحررية.

من اتفاق 2012 إلى اليوم: دروس الفشل والتحديات المتكررة

التجربة السابقة بين الحركات الأزوادية والجماعات الجهادية لا تزال ماثلة في الأذهان، فقد شهد عام 2012 تحالفًا هشًا انتهى بصدامات دموية بعد اختلاف الرؤى حول إدارة الأراضي التي سيطروا عليها في شمال مالي. انسحبت الحركات الأزوادية لاحقًا من المشهد العسكري لصالح تنظيمات مثل القاعدة وأنصار الدين، وهو ما أدى إلى انهيار المشروع السياسي للحركة الوطنية لتحرير أزواد وفقدانها زمام المبادرة بعد أن كانت صاحبة مشروع الانفصال الذي يكاد يؤمن به الغالبية إلى أن سبب انسحابها من المشهد بسبب مفاوضات واغادغو، خلافات أدت إلى ولادة حركات أخرى.

اليوم، يبدو أن السيناريو ذاته يعيد تشكيل نفسه، حيث تبحث جبهة تحرير أزواد عن موطئ قدم مستقل، لكنها تصطدم مجددًا بمسألة التحالف مع نصرة الإسلام و المسلمين الموالية لتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي، ومسألة بيعة تنظيم القاعدة الأم، التي يراها الأخير غير قابلة للنقض إلا بمسوغ شرعي واضح.

جدل فك الارتباط: بين الشرعية والمصلحة

يعود الخلاف بين الطرفين إلى جذور قديمة، حيث يتمحور حول قضية تحكيم الشريعة الإسلامية ورفض العلمانية. ووفقًا لمصادرنا، فإن جبهة تحرير أزواد قدمت نسخة من نظامها وبرنامجها الحالي إلى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي متمثلة في جماعة نصرة الإسلام و المسلمين، الذي قام بدوره بمراجعة الوثائق من خلال إمارة التنظيم بقيادة إياد أغ غالي والهيئة الشرعية، وتمت الموافقة المبدئية على هذه الوثائق، خاصة فيما يتعلق بتحكيم الشريعة ونفي القوانين الوضعية.

وفي اجتماع حديث بين الطرفين، قدمت جبهة تحرير أزواد طلبًا لفك ارتباط النصرة مع القاعدة قبل أي تحالف، مبررة ذلك بضرورة بناء مشروع سياسي خاص بها، بعيدًا عن بيعة تنظيم القاعدة العالمي. غير أن رد جماعة النصرة جاء حاسمًا، مشددًا على أن البيعة ليست مجرد التزام تنظيمي، بل عقد شرعي لا يجوز نقضه إلا بظروف استثنائية، مثل سقوط النظام الحاكم في مالي وإقامة مشروع إسلامي بديل.
كما يرى التنظيم أن أي خطوة مستقبلية يجب أن تكون مبنية على مبدأ المصلحة الشرعية، وليس على التنازلات، ويرى كذلك أنه في حال سقوط مالي تسقط معها جميع المسميات، وعندها يمكن النظر في إقامة دولة وإعادة ترتيب التحالفات بناءً على المصالح الشرعية، وهو الأمر الذي يتناقض مع رؤية جبهة تحرير أزواد التي تنظر في نفسها مشروع دولة مجاورة لمالي.

مآلات المشهد: هل يتكرر سيناريو الجولاني وجبهة النصرة؟

المفاوضات بين القاعدة وجبهة تحرير أزواد تثير مقارنات مع تجربة جبهة النصرة في سوريا بقيادة أبو محمد الجولاني، الذي أعلن فك ارتباطه بتنظيم القاعدة في 2016 تحت مسمى “جبهة فتح الشام”، قبل أن يتحول لاحقًا إلى هيئة تحرير الشام ذات الطابع المحلي، ويتحالف مع فصائل سورية ثائرة ضد نظام بشار الأسد. هذا التحول سمح للجولاني بالحصول على دعم سياسي وعسكري أوسع، لكنه في الوقت نفسه خلق شرخًا بينه وبين الجهاديين التقليديين، الذين رأوا في خطوته انحرافًا عن المشروع الجهادي الأممي.

اليوم، قد تواجه جماعة نصرة الإسلام و المسلمين المصير نفسه إذا ما اختارت فك الارتباط، حيث ستجد نفسها أمام تحديات جديدة تتراوح بين فقدان الغطاء الجهادي أمام خصومها، وبين صعوبة كسب اعتراف دولي في ظل بيئة إقليمية معقدة، وهو الحال بالنسبة لجبهة أزواد في حال ابرام اتفاق مع النصرة.

السيناريوهات المحتملة:

  • استمرار الجمود: قد يظل الوضع على حاله مع استمرار الارتباط بين النصرة والقاعدة ما يعني بقاء هذه الفصائل ضمن المظلة الجهادية دون دخول مباشر للمشهد الاستقلالي السياسي.
  • انشقاق جزئي: بعض الفصائل كأنصار الدين وكتائب ماسنا المحليتين قد تسلك مسارًا مشابهًا لجبهة النصرة، بإعلان فك الارتباط مع محاولة الحفاظ على علاقات غير مباشرة مع القاعدة.
  • صدام جديد: إذا فشلت المفاوضات، قد نشهد مواجهات مشابهة لما حدث في 2012، حيث تسعى القاعدة لمنع أي محاولة للخروج عن سيطرتها، بينما تسعى الحركات الأزوادية في التمسك بمشروعها المحلي.

*حسين أغ عيسى لنصاري

You May Also Like

الشرق الأوسط

لا يزال الحديث عن جماعة “الأحباش” الدينية في الأردن وتمددها وصعودها يثير العديد من التساؤلات عن حقيقة تلك الجماعة بين الفينة والأخرى، فمن هي...

غرب إفريقيا والساحل

كشفت جماعة نصرة الإسلام و المسلمين في مالي مقتل 70 مسلحا ممن وصفتهم بالخوارح، في إشارة إلى ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وذلك...

إفريقيا

أكد والي ولاية كيدال عن تنظيم جماعة نصرة الاسلام و المسلمين، سيدن أغ هيتا، المعروف حركيا باسم عثمان القيرواني، أن من أهم الأسباب التي...

شمال إفريقيا

قاد العميد اغلس محمد أحمد، قائد الكتيبة 173 المشاة في أوباري، يوم الثلاثاء، مناورات عسكرية استباقية قوية، تهدف إلى تصدّي أي تهديدات محتملة من...