ومن خلال هذه المقالة سوف نسلّط الضوء على هذه الحركة من خلال النقاط التالية:
أولا: تعريف ونشأة حركة الكيميتية:
أ- تعريف الكيميتية (Kemitism): يمكن تعريف الكيميتية بأنها حركة أو طائفة روحية تسعى إلى إحياء الديانة المصرية القديمة؛ ظنًّا من أتباع الحركة أنها أقدم ديانة إفريقية موجودة داخل أرض القارة، كما أنهم يَدْعون إلى التخلّي عن الأديان الإبراهيمية؛ بوصفها أديانًا وافدة من خارج القارة؛ حيث ينظرون إليها على كونها أديانًا استعمارية يجب التخلص منها، والعودة إلى الإيمان بالمعتقدات الوثنية القديمة.
وقد سميت هذه الحركة بالكيميتية، نسبة إلى كلمة كيميت ((Kemet، والتي كانت تُطلق على مصر القديمة، وتعني الأرض السوداء، وهي مشتقة من اللون الأسود للطمي الذي كان يجلبه النيل أثناء الفيضانات السنوية، لكنَّ أتباع الكيميتية يقولون: إن كيميت تعني أرض السود الذين عاشوا في تلك المنطقة وصنعوا الحضارة المصرية القديمة، كما يزعمون أن الأوروبيين والعرب قاموا بتغيير الأسماء الإفريقية؛ لكونهم غزاةً لإفريقيا؛ حيث قاموا بتغيير اسم كيميت إلى مصر، كما غيّروا أسماء العلماء والقادة والفلاسفة وعلماء الدين وعلماء الرياضيات، بل وأسماء الأماكن إلى أسماء أجنبية للقضاء على تاريخ الزنوج القديم في مصر.([1])
ب- نشأة الحركة:
فيما يتعلق بنشأة هذه الحركة؛ لا يمكن تحديد تاريخ معين لنشأتها؛ وذلك لعدم توافر مصادر دقيقة فيما بين يدينا تجعلنا نقول بذلك، غير أنه بصورة عامة فإن فكرة الارتباط والتعلق بالحضارة المصرية القديمة، بما تشتمل عليه من ثقافة ومعتقدات؛ هي فكرة قديمة للغاية، كما يدّعي البعض أن ممارسة الديانة المصرية القديمة ظلت موجودة باستمرار بصورة سرية رغم حظر الوثنية، وإغلاق المعابد المخصصة للعبادات المصرية القديمة. وفيما يتعلق بالتاريخ المعاصر لهذه الحركة، فنجد أنها نشأت في أواخر سبعينيات القرن العشرين، اتساقًا مع تصاعد أنصار فكرة الوثنية الجديدة، والتي تنادي بإحياء العقائد الدينية القديمة التي كانت سابقة للمسيحية، سواء في أوروبا أو إفريقيا أو غيرها من الأماكن، كما أنهم طوائف متعددة، لا يجمعهم دين واحد أو عقيدة محددة، وإنما يسعى أنصار الوثنية الجديدة إلى محاولة إحياء الأديان الإثنية المحلية كلما وُجِدَتْ.
أما فيما يتعلق بنشأة هذه الحركة في إفريقيا، وتحديدًا في إفريقيا جنوب الصحراء، فهي نشأت تقريبًا في الستينيات والسبعينيات من القرن العشرين، وذلك مع انتشار بعض الأفكار التي تدعو إلى العودة إلى الجذور الإفريقية، والتخلي عن الثقافات الوافدة، وترعرعت تلك الأفكار مع وجود كتابات ودعوات للمفكرين الأفارقة الموجودين في الشتات أو الذين درسوا وتعلموا في الغرب، وطالعوا الأفكار العنصرية التي يُروِّجها الغرب الأبيض، والتي تقول بسُمُوّ البيض، وتجعلهم هم بناة الحضارة، وتستبعد الزنوج من القيام بأيّ دور حضاري في التاريخ، وهو ما أدَّى إلى تبنّي العديد من المثقفين والكُتّاب الأفارقة أو من أصل إفريقي القيام بمهمة الدفاع عن الزنوج وتاريخهم، والبحث عن أدلة داخل القارة يمكن من خلالها إثبات الدور الحضاري للزنوج، وهو ما وجدوه في الحضارة المصرية القديمة الموجودة على أرض القارة، التي مازالت موجودة ومشاهدة حتى الآن، لكنْ تطوَّر الأمر عند بعضهم إلى تبني فكرة الكيميتية والمناداة باستعادة الممارسات الدينية التي كانت تُمارَس في مصر القديمة، بل ومطالبة شعوب القارة بالتخلّي عن الأديان الإبراهيمية التي يعتنقها معظم شعوب القارة في الوقت الحالي.([2])
ثانيًا: معتقدات أتباع الحركة الكيميتية:
1- الكيميتية ليس لها كتاب مقدّس: بداية نوضّح أن الكيميتية لا تعتمد على كتاب مقدس معين، ولكنها حركة روحانية، تضم العديد من المجموعات المختلفة، التي لها معتقدات متعددة، لكنها تتفق على فكرة إحياء الديانة المصرية القديمة مع تطويرها أو إعادة صياغتها أو حتى تطبيقها كما كانت، وذلك حسب تصورات كل مجموعة، مع مراعاتهم لفكرة استعادة النظام الديني القائم في مصر القديمة بشكل تاريخي قدر الإمكان، وذلك بدعوى أنه كان الدين الأصلي للمصريين، وهم كانوا زنوجًا على حد زعمهم. كما يعتقدون أن الدين المصري القديم هو أقدم دين في العالم؛ حيث يقول أحد كهنة الكيميت: إن النصوص المقدسة للدين المصري القديم تم حفرها على جدران الأهرامات منذ أكثر من أربعة آلاف عام، وبالتالي فهي أسبق من وجود الأديان الإبراهيمية، والتي يدَّعي بعضهم أنها ديانات تطوَّرت عن الدين المصري القديم.([3])
2- مقدساتهم الدينية: يقوم أتباع الحركة الكيميتية بتبجيل الأساطير المصرية القديمة، والتي تصف أفعال الآلهة المصرية القديمة مثل أساطير الخلق، وأسطورة إيزيس وأزوريس، وقوانين ماعت، وهي آلهة الحق والعدل والنظام في الدين المصري القديم، والتي تتضمن 42 مبدأ؛ حيث يركز الكيميتيون عليها بشكل خاص؛ بجانب تبجيل الآلهة تحوت، ورع، وآمون، وحتحور، وغيرهم من الآلهة المصرية القديمة، وبالتالي هم يؤمنون بفكرة تعدُّد الآلهة، كما أنهم يقولون: إن هذه المعبودات ظلت مقدسة، ومعبودة، ومستمرة، رغم ما قام به غزاة إفريقيا من غلق المعابد الدينية في كيميت، بعد تجريم ممارسة العقائد والروحانيات في كيميت وجعلها غير قانونية بعد دخول المسيحية في مصر، كما يقدّس الكيميتيون كذلك الأسلاف، ويقيمون طقوس لتبجيلهم، في منازلهم.([4])
3- طقوسهم الدينية: يوجد لدى الكيميتيين طقوس يمارسونها أثناء إقامة شعائرهم؛ حيث توجد مذابح خاصة في منازلهم يُعظّمون فيها مقدساتهم التي يصنعون لها تماثيل أحيانًا، كما يقومون بممارسة بعض طقوس السحر، والتأمل الروحاني، واليوجا الكيميتية التي يقولون: إن هناك رسومات على جدران المعابد المصرية القديمة مازالت موجودة توضح ممارسة هذا النوع من اليوجا؛ الذي يركّز على عملية التنفس بدلاً من الوضعيات الموجودة في اليوجا الهندية، وإن ممارستها تهدف إلى تطوير الذات، ويقوم بعض الأجانب بممارسة هذه اليوجا في معبد الكرنك المصري، ويصفونه بأنه مليء بالطاقة القوية والسلمية.
ومن نافلة القول نذكر أن وزارة السياحة المصرية قامت بإنتاج فيلم دعائي قصير مدته 3 دقائق في أكتوبر 2019م بالتعاون مع قناة CNN الأمريكية يُسلّط الضوء على اليوجا الكيميتية، ويدعو السياح الأجانب للقدوم لمصر لممارستها، بوصفها أحد أنواع السياحة العلاجية، وتم الاستعانة في الفيديو بمدربة اليوجا الكيميتية سارة ويسلي وهي ناشطة سوداء وأحد مؤسسي مجموعة العودة إلى كيميت، ويبدو أنها تعتنق الفكر الكيميتي، وتتنقل بين مصر ودول القارة الإفريقية. كما أنهم يقومون كذلك بتقديم القرابين والنذور والطعام إلى معبوداتهم وإضاءة الشموع، وإشعال المباخر لهم، كما توجد طوائف لها كهنة يسمون بكهنة الكيميت، يتولون إقامة الطقوس لأتباعهم؛ حيث يرتدون ملابس ومجوهرات مستوحاة من الملابس في مصر القديمة، وعليها كتابات باللغة الهيروغليفية، بجانب حَمْلهم لرموز ومتعلقات دينية مثل مفتاح الحياة عنخ، والتي كانت تُستخدم في مصر القديمة، كما لهم أيضًا مهرجانات وأعياد سنوية يقومون فيها بتكريم آلهة مصر القديمة، بجانب استخدامهم مصطلحات كانت شائعة في مصر القديمة في الحديث فيما بينهم مثل عبارة حوتب “Hotep“, والتي تعني “كن بسلام”، وعبارة “Em hotep” والتي تعني “أُحيّك بسلام”، وعبارة “Senebty” والتي تعني “وداعًا”، وعبارة “Ankh Oudjat Seneb” والتي تعني “لتكن بحياة صحية مزدهرة”، وغيرها العديد من المصطلحات المستخدَمة في مصر القديمة.([5])
ثالثًا: أبرز أفكار الحركة الكيميتية:
توجد مجموعة من الأفكار التي يتبنَّاها أتباع الحركة الكيميتية الموجودون في إفريقيا تحديدًا، وتتمثل فيما يلي:
1- إحياء الديانة المصرية القديمة: وذلك بوصفها الديانة الإفريقية الأصلية على حد زعمهم، كما يرون أن هذه الديانة هي أصول وقواعد الأخلاق الدينية الرئيسية في العالم فيما بعد، وأنها استقت من مبادئ قوانين ماعت الموجودة قبل الأديان الإبراهيمية بآلاف السنين منظومة القيم الخاصة بها، كما يدَّعون أن الأديان الإبراهيمية قامت بسرقة قوانين ماعت مثلما قام العديد من المستعمرين بسرقة إفريقيا وأرضها وكنوزها، وهو ما حدث مع تقاليدها الدينية أيضًا التي تم سرقتها مِن قِبَل أصحاب الأديان اللاحقة، كما يرون أن العرب والأوروبيين قاموا باختلاق أسطورة مفادها أن الثقافة الروحانية الأفريكانية كانت وثنية وشركية، وغير حضارية، ووحشية بهدف تبرير استعباد السود أثناء تجارة الرقيق؛ حيث يقولون: إن الاستعمار الإسلامي ليس أفضل من الاستعمار الغربي، وأنهما مارسا العنصرية ضد الأفارقة.([6])
2- التخلي عن الأديان الوافدة: حيث يرون أن الأديان الإبراهيمية، وخاصةً المسيحية والإسلام، هي أديان وافدة من خارج القارة الإفريقية، وارتبطت بالاستعمار الغربي أو الاستعمار العربي؛ على حد وصفهم. كما يرون أن تلك الأديان تدعو لعبادة إله أجنبي، وأنها أديان مستوردة، ولذلك ينادون بالتخلي عنها والرجوع إلى الدين المصري القديم، بوصفه دين الزنوج الأصلي، كما يرى بعضهم أن الأديان ظاهرة تاريخية لها أهداف أيديولوجية وسياسية، ولذلك لا يفضلون استخدام مصطلح دين على معتقداتهم؛ حيث يرون أن عبادة الأسلاف مجرد أمور روحانية، ولذلك يدعو بعضهم إلى التخلي عن فكرة الدين بصورة عامة والتمسك بالروحانية فقط، وكذلك يدعون إلى مقاومة الأديان التوحيدية كجزء من مقاومة بقايا الاستعمار على حد وصفهم.([7])
3- تبنّي فكرة الأصل الزنجي للحضارة المصرية القديمة: حيث يعتمد أتباع هذه الحركة على أطروحات المفكر السنغالي شيخ أنت ديوب، والذي يرى أن الحضارة المصرية القديمة هي حضارة زنجية من صنع الزنوج، وأن المصريين القدماء كانوا زنوجًا، كما أشار إلى ذلك في كتابه الأصول الزنجية للحضارة المصرية القديمة، والذي تم رفض أفكاره مِن قِبَل العديد من المؤسسات العلمية، بل ومازال يتعرض للنقد حتى الآن مِن قِبَل علماء المصريات الذين يُنكرون صحة ادّعاءاته، وأتصور أن أطروحة شيخ أنت ديوب كانت نابعة من الشعور بعقدة الدونية الناجمة عن النظريات العنصرية الأوروبية التي تحيّزت للرجل الأبيض، وحاولت تشويه الزنوج، وسَلبهم المشاركة في القيام بأيّ دور حضاري في التاريخ، ولذلك كانت أطروحات أنت ديوب محاولة ورد فعل للتصدي لتلك النظريات العنصرية.
وقد وجد أتباع حركة الكيميتية في كتابات شيخ أنت ديوب ما يجعلهم يتمسكون بفكرة العودة للجذور، واتباع الديانة المصرية القديمة وإعادة إحيائها بوصفها ديانة أسلافهم من الزنوج؛ حيث يصفهم البعض بأنهم أتباع متطرفون لأفكار شيخ أنت ديوب، بل يبالغ البعض ويصف أنت ديوب بأنه أبو الكيميتين ومصدر أفكارهم الدينية، كما يتهمه آخرون بأنه كان يعادي العروبة والإسلام، ويدعو الأفارقة للتخلي عنها في كتبه المختلفة ويناديهم بالعودة إلى جذورهم الإفريقية بما فيها الدين المصري القديم، غير أنه لم يتيسر لي الحصول على أدلة أستطيع من خلالها إثبات أو نفي تلك الاتهامات. كما نشير كذلك إلى أن أفكار شيخ أنت ديوب عن الأصل الزنجي للحضارة المصرية القديمة قد سوّق لها بعض الكُتّاب المصريين، وذلك من أجل استخدام تلك الفكرة سياسيًّا في تعزيز العلاقات المصرية الإفريقية، وخلق روابط تاريخية مشتركة لتعزيز تلك العلاقات، وكذلك استخدام تلك الأفكار في تعزيز فكرة الوحدة الإفريقية.([8])
4- تبنّي فكرة الوحدة الإفريقية (Panafricanisme): حيث تستخدم بعض طوائف الحركة الكيميتية فكرة الوحدة الإفريقية والتستر خلفها في ترويج أفكارهم المتعلقة بإحياء الدين المصري القديم؛ من خلال ترويج أفكار العودة إلى الجذور، والبحث عن الذات الإفريقية، والتخلي عن التبعية لغير الأفارقة، وخاصة فيما يتعلق بالثقافة، ولهذا فهم يقومون باستخدام فكرة البان أفريكانيزم، في الترويج للكيميتية، وذلك تحت دعوى العودة إلى الأديان التاريخية لإفريقيا التي هي امتداد لأسلافهم، والتي يعد الرجوع إليها بمثابة الرجوع للذات في وجهة نظرهم، ويقضي على الانقسام الإفريقي ويُحقّق الوحدة الإفريقية بكل مضامينها؛ حيث إنهم يروجون لوجود مؤامرة كونية عالمية ضد الزنوج؛ تبريرًا لأوضاع القارة البائسة، وتخلُّفها المعاصر عن الركب الحضاري، والذين يرون أن العودة للجذور هو طريق لاستعادة الثقة في الذات والبدء في المساهمة في الحضارة، واستعادة الاستمرارية التاريخية التي تحتاج معرفة الماضي بأكمله بما فيه الماضي الديني، لاستعادة الوعي التاريخي اللازم لاستعادة المبادرة التاريخية للزنوج.([9])
5- تبني فكرة المركزية الإفريقية Afrocentrism)): حيث يتبنى أتباع الكيميتية، فكرة المركزية الإفريقية التي روّج لها عدد من الكتاب على رأسهم موليفي أسانتي، والتي ترى أن الإنسان الإفريقي هو محور التاريخ والثقافة والحضارة الإنسانية، وأن إفريقيا هي مهد الحضارات العالمية، وبذلك تمنح إفريقيا السبق الحضاري عن غيرها من الحضارات وخاصة الحضارة الغربية، كما تدعي تلك الفكرة أن الرجل الأبيض الغربي قام بتزوير التاريخ لصالحه من أجل الحصول على السبق الحضاري لنفسه، وذلك على حساب الزنوج وحضارتهم، ولذلك هم حاولوا التصدي لفكرة المركزية الغربية، وقد وجد الكيميتيون في فكرة المركزية الإفريقية، ما يساعدهم في تبرير إحياء الدين المصري القديم، لكونه تمسك بفكرة المركزية الإفريقية.
ويُذكر أن هناك تيارات وحركات تتبنى فكرة الأفروسنتريك، قامت بزيارة مصر في فبراير 2022م، وقامت بعقد مؤتمر في مدينة أسوان المصرية السياحية، على مدار يومي 25، 26 فبراير، تحت عنوان “العودة إلى الأصول”، قامت بتنظيمه شركة سياحية أمريكية، وشارك فيه نحو 12 شخصًا بينهم منتمون إلى حركة الأفروسنتريك؛ حيث قام بعضهم بترويج فيديوهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أمام الأهرامات ويشيرون إلى أن الأفارقة الزنوج هم فقط من بنوا الأهرامات، وهم أصحاب الحضارة، كما قامت أحد المشاركات في المؤتمر بنشر تغريدة عبر منصة تويتر تقول فيها: “ماذا عن اغتصاب وسرقة تاريخ مصر الإفريقي”، وهو ما جعل رواد وسائل التواصل الاجتماعي في مصر يغضبون من تلك التصريحات، كما طالبوا السلطات في مصر بوقف المؤتمر، عبر هاشتاج تصدر الترند حمل عنوان “وقف مؤتمر أسوان”، بالإضافة إلى ازدياد حدة السخط من أفكار الحركة لترديد بعض أتباعها أنه يجب طرد المصرين المعاصرين من مصر؛ لكونهم عرب محتلين، واستعادة الحضارة المصرية القديمة لكونها إفريقية.([10])
6- تبني فكرة العداء للثقافات الأجنبية وخاصة العرب: حيث تتبنى الكيميتية العداء للثقافات غير الإفريقية، وتصفها بأنها ثقافات وافدة واستعمارية، وخاصة الثقافة العربية الإسلامية؛ لكونها من أبرز الثقافات المنتشرة في القارة الإفريقية؛ حيث يوجد لدى الكيميتيين عنصرية وخاصة ضد العرب والمسلمين؛ حيث وجدت تصريحات لبعض المنتمين لهم أنهم إذا نجحوا في الوصول للحكم سوف يطردون العرب والمسلمين الأفارقة من إفريقيا، أو حتى يقومون بقتلهم؛ لأنهم في نظر الكيميتيين محتلون لأراضي القارة الإفريقية وقاموا بغزوها ثقافيًّا، وكذلك ينظرون إلى الأفارقة من أتباع الديانات الإبراهيمية على أنهم موالون للغزاة الأجانب، ولهذا يجب معاقبتهم وطردهم من إفريقيا كذلك، أو يعودوا إلى معتقداتهم الأصلية المتمثلة في الدين المصري القديم على حد زعمهم الباطل. كما يرى بعض هؤلاء أن الدين الإسلامي مقتبس من الدين المصري القديم، لكنه تم تطويره بهدف السيطرة على الأفارقة وإخضاعهم للعرب وثقافتهم.
وفيما يتعلق بفكرة العنصرية الإفريقية تجاه العرب أو ما يمكن تسميته بالعنصرية السوداء فهي متصاعدة في إفريقيا، وخاصة خلال الفترة الحالية، حيث لاحظنا وجود العديد من الأفارقة، وللأسف بعضهم من المستعربين الذين يجيدون اللغة العربية، ويعتنقون الإسلام يقومون بمهاجمة العرب، ويريدون قطع العلاقات معهم حتى على المستوى الشعبي، بل ومن بين تلك العنصرية السوداء التي مُورِسَت حتى على مستوى الحكومات ما قام به رئيس وزراء مالي المؤقت الكولونيل عبد الله مايغا في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، من وصف رئيس النيجر الحالي محمد بازوم بأنه ليس من النيجر في إشارة إلى كونه عربيًّا من قبيلة أولاد سليمان العربية التي تقطن غالبيتها في ليبيا، وقد سبقه في هجومه هذا على رئيس النيجر لعروبته بعض الكتاب والباحثين من المستعربين الأفارقة، وخاصة من يحملون جنسية النيجر، لكراهتهم تولي بازوم السلطة لكون العرب أقلية في النيجر.
وبعد تتبُّعنا لأمر هؤلاء الكُتّاب وجدنا أن لديهم نزعة عنصرية ضد العرب، ويرفعون شعار البان أفريكانزم للتستر خلفه في نشر أفكارهم العنصرية السوداء، وعلى المستوى الشخصي فقد تعرَّضت لهجوم مِن قِبَل بعض هؤلاء العنصريين الأفارقة؛ حيث طالبني البعض بعدم الكتابة عن شؤون القارة الإفريقية بوصفي من العرب، ولا يحق للعرب في نظرهم الكتابة عن إفريقيا متناسين أن مصر ودول شمال إفريقيا هي دول إفريقية ناطقة بالعربية، مثل باقي دول القارة التي هي دول إفريقية ناطقة باللغات الأوروبية، كما أنهم بنظرتهم القاصرة هذه يروجون لفكرة تقسيم القارة إلى إفريقيا جنوب الصحراء، وإفريقيا شمال الصحراء، مع كون هذا التقسيم ناتجًا عن المرحلة الاستعمارية، بالإضافة إلى كون معظم المستعربين الأفارقة الذين لديهم عنصرية ضد العرب وجدنا أنهم درسوا في الجامعات العربية على نفقة الدول العربية، في التخصصات المختلفة، وكان ردّهم للجميل هو نشر الكراهية ضد العرب، بل كثير منهم رغم تصديهم للحديث عن قضايا القارة المتعددة لم يقوموا بدراسة تخصص الدراسات الإفريقية في الكليات والمعاهد المتخصصة بوصفه تخصصًا دقيقًا لا يتيسر لغير المتخصص الحديث فيه حتى لو كان يعيش داخل دول القارة، فطبيب العيون الإفريقي لا يمكنه وصف علاج في تخصص أمراض العظام؛ لكونه طبيبًا، وكذلك الإفريقي لا يمكنه الكتابة في التخصص بطريقة علمية صحيحة دون علم ودراسة للتخصص.([11])
7- ترويج فكرة الانبهار بالآثار المصرية القديمة: حيث ينظم الكيميتيون وأتباعهم رحلات دورية إلى مصر لزيارة المعابد والآثار المصرية القديمة، بل ويقيمون طقوسًا وممارسات دينية أمامها؛ حيث يرون أن بعض تلك المعابد أماكن مقدسة، كما يروجون لفكرة الإعجاز الحضاري في بناء الآثار المصرية القديمة، وخاصةً الأهرامات، والتي تعبّر عن قدرات معرفية وعلمية هائلة لدى المصريين القدماء الذين بنوها؛ بوصفهم زنوجًا في تصورهم، وما يزال العلم الحديث يختلف في طريقة بناء الأهرامات ويقدم العديد من النظريات للكشف عن ذلك الأمر، ومن جانبنا فإنه يمكن أن نساهم في تقديم أطروحة ومساهمة فكرية جديدة تتعلق بأصل الحضارة المصرية القديمة؛ حيث إنني أتصور أن هناك حضارات مسكوتًا عنها، ولم يتحدث أحد من العلماء المعاصرين عنها، وخاصة الغربيين؛ لكونهم ينكرون ما وراء المادة، وهي الحضارات التي يمكن أن أُسميها بالحضارات “الإنس جنية”، أو “الجن بشرية”, وأقصد بها تلك الحضارات التي تمت إقامتها بالمشاركة بين الإنس والجن بطلب من الإنس وملوكهم حكام تلك العصور، وأستدل على ذلك بالعديد من الأدلة الشرعية والعقلية التي تدعم تلك الأطروحة، ومن بين تلك الأدلة أن الجن قاموا بصناعة منشآت في الأرض في عهد سيدنا سليمان بن داوود -عليهما السلام-، والأدلة على ذلك كثيرة في القرآن الكريم، ومن بينها تلك الآيات قول الله تعالى: {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ} (سبأ: 12)، وقوله تعالى: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} (سبأ: 13)، وقوله تعالى: {وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} (ص: 37)، وقوله تعالى: {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} (النمل: 39).
فهذه كلها آيات تدل على استخدام الجن بواسطة الإنس المتمثل في شخص النبي سليمان -عليه السلام- في صناعة منشآت في مملكته؛ كالبناء، والغوص، وصناعة التماثيل، والمحاريب، وبالتالي ما المانع العقلي أن يكون المصريون القدماء استعانوا بالجن في بناء حضارتهم القديمة؟، وخاصة أنهم كانوا ماهرين في السحر واستخدامه، بل كان يستعين الحكام بالسحرة مثل سحرة فرعون. ومن المعلوم أن السحرة يستعينون بالجن لتنفيذ مطالبهم، وبالتالي يمكن من خلال هذه الأطروحة تفسير كيفية بناء الأهرامات التي مازال العلم الحديث مختلفًا في كيفية بنائها، وكيف استطاع البشر العاديون حمل تلك الحجارة الضخمة ورفعها فوق بعضها، فاعتقد أن الجن الذين بنوا لسليمان الحكيم -عليه السلام- محاريب وتماثيل، يستطيعون فعل ذلك ويقومون ببناء الأهرامات بكل سهولة.
كما يمكن أن أُضيف شقًّا آخر في تلك الأطروحة، يتحدث عن الحضارات غير البشريَّة؛ وذلك لكون الأرض ظلت فترة غير مسكونة مِن قِبَل البشر، قبل هبوط آدم، ولهذا ألا يمكن أن يكون هناك مخلوقات أخرى كالجن كان لهم حضارات بنوها قبل خلق الإنسان، ومازالت آثار منها باقية لتدل على ذكرهم قد يكون منها الأهرامات مثلاً.
ويمكن القول: إن مثل تلك الأطروحة إذا صحت فإنها سوف تبطل فكرة الأصل الزنجي للحضارة المصرية القديمة التي طرحها المفكر السنغالي شيخ أنت ديوب، وبالتالي سوف تبطل أفكار الكيميتيين الذين يعتقدون أن الحضارة المصرية القديمة حضارة زنجية، واعتناق وإحياء معتقداتها خطوة للعودة للجذور في تصورهم.
وبصورة عامة؛ فإن هذه الحضارات القديمة لم تَفِد الإنسان المعاصر في شيء إلا اليسير، بغض النظر عن صانعها، كما أنه من باب الإنصاف، فلولا المخترعات الغربية الحديثة ما توصلت البشرية إلى هذه المرحلة من التقدم العلمي الهائل في شتى المجالات، فاعتقد أن العالم يمكنه العيش بلا أهرامات أو معابد، بينما لا يمكنه العيش بلا إنترنت أو حواسيب أو كهرباء، وهذا يعني أن الحضارات القائمة على العلم تخدم جميع البشر وتبقى وتتطور، بينما الحضارات القديمة القائمة على السحر أو السخرة أو حتى مجهولة المصدر فإنها لم تخدم إلا أصحابها وصانعيها في زمانهم. وهذا الكلام لا يُفهم منه معاداة أو التقليل من الحضارات القديمة، وإنما الهدف منه الاهتمام بالمساهمة في صناعة الحضارات المعاصرة، بدلاً من شغل العقول بالماضي السحيق، وإثارة الحروب والمعارك الكلامية والفكرية فيما لا يُعوّل عليه، ولا يخدم سعادة ورقي الإنسان المعاصر.
8- تبني فكرة تزوير التقويم الإفريقي: حيث يروّج بعض أتباع الكيميتية إلى أنه تمّ تزوير تاريخ البشرية، بهدف نقل تاريخ السلالات الحاكمة السوداء، ليكون في مرحلة تاريخية تالية للسلالات الحاكمة البيضاء، وهو ما يجعل السبق التاريخي للبيض، ويسمح بسرقته من الزنوج، وبالتالي يخدم أفكار المركزية الغربية، ولهذا يروّج بعضهم إلى التخلص من التاريخ الغربي والعربي، والعودة إلى التقويم الإفريقي الذي وضَعه أسلافهم مع بداية الحضارة الزنجية القديمة، كما أنهم يقولون: إن التقويم الإفريقي يبدأ في 19 يوليو كل عام، وأننا حاليًا في عام 6259 إفريقية، بحساب التقويم الإفريقي؛ حيث إنهم يقولون: إن التاريخ الإفريقي تم تحديده قبل 4236 سنة من ميلاد المسيح، ثم يضيفون له سنوات ما بعد الميلاد والتي هي 2022 عامًا حاليًا، ويحسبون بداية العام الإفريقي الجديد من تاريخ 19 يوليو من كل عام ميلادي، رغم أنهم يرفضون مسميات الشهور الميلادية النابعة من التقويم الجريجوري، كما أن الأسبوع في التقويم الإفريقي مكوّن من 10 أيام، والشهر مكون من 30 يومًا، والسنة مكونة من 360 يومًا، كما يرون أن هذا التاريخ تم تحديده مِن قِبَل أسلافهم الأفارقة عن طريق علامة زمنية معينة في الفضاء، ولهذا يقولون: إنه كما يحتفل الهنود والصينيون والأوروبيون والعرب برأس سنة خاصة بهم يجب أن يكون للأفارقة رأس سنة كذلك تتفق مع حضارتهم.([12])
رابعًا: أماكن انتشارهم وأبرز منظّريهم:
أ- الانتشار الغربي: فيما يتعلق بأماكن انتشار أتباع الكيميتية أو الوثنية المصرية الجديدة، فهم منتشرون في شتى أنحاء العالم؛ حيث يوجد لهم طوائف في الولايات المتحدة الأمريكية، مثل طائفة الأرثوذكسية الكيمية التي تأسست عام 1988م, وكذلك لهم طوائف في كندا، والعديد من دول أوروبا مثل بريطانيا، وإيرلندا، وجمهورية التشيك، وغيرها من دول العالم؛ حيث يتبع تلك الطوائف بعض المعجبين بالحضارة المصرية القديمة، وبعض الراغبين في اعتناق الوثنية الجديدة، بالإضافة إلى انتماء بعض الغربيين من ذوي الأصول الإفريقية لتلك الطوائف كبعض الأفروأمريكان، كما أن لديهم مكتبات خاصة في دول الغرب، ومن بينها فرنسا، تقوم بطباعة ونشر وتوزيع الكتب والمؤلفات الخاصة بأفكارهم.
ب- الانتشار الإفريقي: فيما يتعلق بأماكن انتشارهم داخل القارة الإفريقية؛ فهم منتشرون في عددٍ من دول القارة، وخاصةً دول غرب إفريقيا مثل مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا، والسنغال، وساحل العاج، وكذلك يوجد لهم طوائف في جنوب إفريقيا وبعض دول القارة الأخرى، لكنهم لا يُصرّحون عن أفكارهم بصورة علنية، كما أن أعدادهم مازالت هامشية وقليلة داخل دول القارة لغلبة التمسك بالدين الإسلامي والمسيحي في إفريقيا، كما أنهم يتخذون من وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية عبر الإنترنت وسيلة لترويج أفكارهم، والتواصل فيما بينهم، وكَسْر العزلة التي يعيشون فيها، بالإضافة إلى قيامهم بتأسيس جمعيات أهلية ذات طابع ثقافي أو تعليمي أو حتى خدمي، ويقومون من خلالها بالترويج لأفكارهم، والتستر وراء نشر وإحياء الوعي الإفريقي، والثقافة الإفريقية القديمة، وقد صرّح البعض أن لديهم في دولة مالي نحو 100 جمعية مُرخَّصة يقومون من خلالها بالترويج لأفكارهم بطريقة غير مباشرة، ومن بين تلك الجمعيات المعروفة في مالي، جمعية إعادة تأهيل الدين الإفريقي الزنجي (3RNA- MAAYA), والتي تم تأسيسها في عام 2013م ولها موقع الكتروني عبر الإنترنت يقوم بنشر أفكارها، وهي تدعو إلى إعادة إحياء الدين المصري القديم، وتروّج لأفكار الكيميتية، كما أنها تنظم مؤتمرات عامة؛ حيث قامت بتنظيم مؤتمر عام في 20 أغسطس 2022م من أمام نصب موديبو كيتا التذكاري؛ حيث ناقشوا في هذا المؤتمر المساهمات العلمية لإفريقيا مع بقية العالم، وقد استضافوا خلاله البروفيسور كلالا أومبوتوندي، مؤسس معهدANYJART في جوادلوب، وقد تحدثوا أنه لكي يتم إحياء الديانة الزنجية يجب إيضاح أن الأديان القادمة من خارج القارة ليست للسود، رغم أنها شغلت مساحة، وأن دينهم الزنجي هو الأسبق عليها في الوجود ويجب العودة إليه. ويترأس هذه الجمعية الكاتب المالي دومبي فاكولي دومبيا الذي يطلقون عليه عميد الكيميتيين. ويُذْكر أن الكيميتيين في مالي يصرحون بكراهية الملك منسا موسى، بسبب رحلة حجه المشهورة، ويتهمونه بتبذير ذهب مالي في رحلة الحج، كما يكرهون ملوك مالي القدماء لاعتناقهم الإسلام ودفاعهم عنه، وكذلك يبتعدون عن الحديث باللغة العربية أو أي عبارة قريبة منها في لغاتهم المحلية.
وكما يوجدون في مالي فإن لهم جمعيات كذلك في بوركينا فاسو؛ حيث صرح أحد زعمائهم في بوركينا ويدعى باسم سيرج بيالا، ولقبه بايالا ليانهوي إمحوتب، طالب دكتوراه في الدراسات الثقافية الإفريقية وعضو مؤسس لحركة “ساعتان لنا، ساعتان لكاميتا”، والأمين العام للحركة، أنهم قاموا بإنشاء حاضنات أفكار وجمعيات لمساعدة هؤلاء الذين يريدون تحرير أنفسهم من الديانات الاستعمارية، والعودة إلى الدين الزنجي القديم، كما يدعو هذا الشخص السلطات في بوركينا فاسو إلى الاعتماد على تقويم كيميت؛ بوصفه تقويمًا إفريقيًّا وأفضل لبوركينا، ويذكر أن هذا الشخص قد تم إحراق سيارته أمام منزله في 23 أغسطس الماضي، وأدان زملاؤه تلك الحادثة، واصفين إياها بالعمل الإجرامي المُدبَّر مِن قِبَل الإرهابيين كارهي الحركة، الذين هددوا أمينها العام بالقتل والترهيب.
وفي بنين يقال: إنه تم السماح للكيميتيين ببناء هيكل أساسي يمكن أن يكون بمثابة مقر الدين الإفريقي المستقبلي؛ حيث تتسامح بنين مع الديانات التقليدية، وتسمح بممارستها بصورة عادية، ويذكر أن الكيميتيين قاموا مؤخرًا باتباع طريقة الترويج لأنفسهم من خلال الأعمال الاستفزازية المثيرة للجدل، مثلما فعل هذا الشخص الذي أهان القرآن في مالي؛ حيث تظاهر الآلاف ضد فعلته، وتم الحديث عن ما فعله داخل دول القارة وخارجها، وبالتالي استطاع من خلال الترويج بالاستفزاز تعريف الآلاف بأفكارهم، وهو ما دعا البعض إلى القول: إن أفضل شيء لمواجهة تلك الأفكار الهدامة تجاهلها؛ منعًا لنشرها.([13])
ج- أبرز منظّري الفكر الكيميتي المعاصرين:
يمكن أن نشير إلى وجود العديد من الكُتّاب المعروفين في دول القارة الإفريقية، وخاصة غرب إفريقيا ممن يعتنقون هذه الفكرة، وخاصة الكُتّاب والعلماء الذين درسوا علم المصريات في الجامعات الغربية، ومن بينهم ما يلي:
1- دومبي فاكولي دومبيا: وهو كاتب مالي معروف، يبلغ من العمر الآن 78 عامًا، وله العديد من الكتب والتي تزيد عن 40 كتابًا، والتي تدعم فكر الكيميتيين، وتروّج له، وكذلك تتضمن كتاباته معاداة الإسلام والعرب، ومن بينها، كتاب أنتا رئيس كهنة أتوم، وكتاب حورس بن إيزيس، وكتاب الأصل التوراتي للعنصرية ضد السود، وكتاب بلال النبي، وكتاب الأصل الزنجي الإفريقي لما يسمى بالديانات الإفريقية، وكتاب مقدمة في الصلاة الإفريقية السوداء، والذي ينتقد خلاله الصلاة في الأديان الإبراهيمية، ويصفها بأنه صلاة مهينة وغير مجدية، يخاطب فيها الزنجي الإفريقي إلهًا أجنبيًّا لا يتعلق بعبادة أسلافه، وغيرها العديد من الكتب والمقالات المنشورة على مدونته الإلكترونية، أو على المواقع الإلكترونية التابعة له ولأنصاره، والتي يدعو فيها الشباب الإفريقي إلى إعادة النظر في ماضيهم، والعودة له، وخاصةً الدين الزنجي القديم، وقد حصل هذا الكاتب على جائزة شيخ أنتا ديوب في عام 2018م؛ حيث تم منحها له في السنغال مِن قِبَل لجنة تحكيم النسخة 26 في اليوم العالمي للكاتب الإفريقي (JIEA) والذي يتم الاحتفال به سنويًّا في 7 نوفمبر، وتقوم رابطة الكتاب الأفارقة بعمل العديد من الفاعليات احتفالاً به، ويُذْكَر أنَّ الكاتب دومبي فاكولي قد قام بنشر مقطع صوتي يدافع فيه عن الشخص الذي أهان القرآن في مالي، كما وصف هذا الكاتب نفسه في ذلك المقطع أنه “كافر ومشرك ويفتخر بذلك ويعلنها بكل وضوح وجرأة”، وقد تقدم المجلس الأعلى للمسلمين بشكوى تجاهه، وقد تم استدعاؤه للتحقيق بصحبة 5 أشخاص آخرين مِن قِبَل المدعي العام بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، وارتكاب جريمة دينية قد تُسبّب الإخلال بالنظام العام في البلاد، وكذلك تم اتهامهم بالتواطؤ لرفضهم إخبار السلطات بمكان الشخص المختبئ الذي أهان القرآن الكريم؛ لكونه مقربًا منهم ومعتنقًا لأفكارهم، ويذكر أن هذا الكاتب قدم مطالب للحكومة الانتقالية في مالي من قبل بضرورة إبعاد الإسلام عن المشهد السياسي والديني في البلاد.([14])
2– جان تشارلز كوفى جوميز: وهو عالم مصريات، ومؤرخ من دولة بنين، تخصص في دراسة العلاقات الثقافية بين الحضارات القديمة في وادي النيل (النوبة، مصر القديمة)، وحضارات خليج بنين، وهو كذلك مدير معهد شيخ أنت ديوب للمصريات والحضارات الإفريقية (IECA) والموجود بفرنسا، كما أنه منسق اللجنة العلمية لكتابة تاريخ عام للسود في فرنسا، وهذا الشخص يتّهم العرب بغزو مصر وتشويه تاريخها الزنجي الإفريقي، ومن أنصار الفكر الكيميتي.([15])
3- مبوغ باسونغ: وهو من الكاميرون، وهو مؤلف عدة كتب من بينها كتاب “الدين الإفريقي من علم الكونيات الكمومي إلى رمزية الله”، وهو كان مسيحيًّا ثم تخلى عن ديانته واعتنق أفكار الكيميتيين، ويدعو إليها حاليًا في كتابته المتعددة، وقد تأثر بأفكار شيخ أنت ديوب، وأفكار مبومبوغ نكوث بيسك الذي يؤمن بعبادة مبوغ التي تُبجّل الأسلاف، والديانات الطبيعية التقليدية.([16])
4- جان فيليب أوموتوند: وهو عالم مصريات كذلك له مؤلفات تدعم الفكر الكيميتي، وقد درس في فرنسا، وقد قام بتغيير اسمه إلى نيوسيرى كالالا أوموتوندي، وتخلى عن اسمه الأول، واختار هذا الاسم الذي يقول: إنه مستقى من الأسماء المصرية القديمة، وذلك تأكيدًا منه على جذوره الإفريقية، وهو من دعاة الكيميتيين أيضًا.([17])
5- كيمي سبا: وهو من أصل بنيني، ويحمل الجنسية الفرنسية، واسمه الحقيقي ستيليو جيل روبرت كابو شيشي، لكنه يُعرَف بلَقَبه المصريّ كيمي سبا الذي يعني النجم الأسود، وهو من دعاة الفكر الكيميتي.
ونوضح أن هذه فقط بعض الأسماء التي تُنظّر وتدعم الفكر الكيميتي على سبيل المثال لا للحصر، وقد لاحظنا أنهم يستقون العديد من أفكارهم من كتابات شيخ أنت ديوب، بل يضعون عبارات له على مواقعهم الإلكترونية كشعارات يرفعونها لدعم توجهاتهم، ومن بين تلك العبارات مقولة الشيخ أنت ديوب المقتطفة من خطاب أطلنطا- 1985م، ويقول فيها: “من يحمل تاريخ شعب يحمل روحه، ولكن من يحمل روحانية شعب يجبره على العيش تحت نير العبودية الأبدية”؛ حيث يفهمون من تلك العبارة أن اعتناق الأديان التوحيدية التي انتشرت في دول القارة تُعد نوعًا من العبودية التي يجب التحرُّر منها والعودة إلى دين الزنوج المتمثل في الدين المصري القديم.
خامسًا: تأثيرهم ومخاطرهم والانتقادات التي وُجِّهت إليهم:
أ- تأثيرهم: فيما يتعلق بتأثير الكيميتيين فهو لا يزال محدودًا حتى الآن؛ بسبب قلة عدد أتباعهم، وانقسامهم إلى مجموعات مختلفة، وكذلك التزام العديد منهم بالسرية في الدعوة إلى أفكارهم، وتعد حادثة قيام أحد أتباعهم بإهانة القرآن في مالي هي الأولى من نوعها فيما أعلم، كما أن تأثيرهم ينحصر في الفعل ورد الفعل وتبادل الجدال والخلاف الفكري مع أصحاب الديانات التوحيدية، وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ب- مخاطرهم: يمكن أن نعرض بعض المخاطر التي قد تنجم عن الفكر الكيميتي، والتي تتمثل فيما يلي:
1- إثارة الخلافات والانقسامات داخل المجتمعات الإفريقية، وخاصة مع أتباع الديانات الإبراهيمية، وبالأخص المسلمين؛ لكونهم يركزون في خطابهم على الإسلام؛ لكونه راسخًا في العديد من دول القارة، ويدعون إلى تركه، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى صراعات مع المسلمين، خاصة عندما ينتهكون مقدساتهم كما حدث من قبل الشخص الذي أهان القرآن في مالي.
2- عدم التسامح مع أصحاب المعتقدات التوحيدية، والعداء لهم، والتعصب لفكرتهم الكيميتية الباطلة، فكما ذكرنا في ثنايا الحديث أنهم صرحوا في حالة وصولهم للحكم في إفريقيا، سوف يقومون بمكافحة الإسلام والقضاء على أتباعه، وهو ما يُشكّل خطرًا على الأمن والاستقرار والتماسك الاجتماعي داخل دول القارة.
3- قد ينشأ فصيل أو طائفة من أتباع الكيميتية، يسعى لترويجها من خلال العنف المسلح، أو يحاول استهداف أتباع الديانات الإبراهيمية بطرق عنيفة، وهو ما سيكون من الخطورة بمكان في حالة حدوثه، كما أنه نتيجة لأفكارهم العنصرية، وتصريحاتهم المسيئة للإسلام ومقدساته، قد يؤدي ذلك إلى ردود فعل ذات طابع عنيف مِن قِبَل المسلمين تسفر عن حدوث صراعات دينية وعرقية، تشكل خطرًا على حياة وأمن وممتلكات الجميع؛ حيث إنه خلال أحداث إهانة القرآن على يد أحد أتباع الحركة في مالي دعا البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى قتله أينما وُجِدَ، كما روَّج آخرون عبر وسائل التواصل أن أتباع الكيميتيين هددوا مساجد المسلمين وجميع أئمة البلاد، وأنهم سوف يستهدفونها، وهو ما كان يمكن أن يؤدي إلى تتبع أعضاء الحركة الكيميتية وقتلهم لقلة عددهم، وذلك خارج نطاق القانون، ومِن ثَم يحدث عداوات بين أهاليهم وقاتليهم، ويسبب مشاكل اجتماعية متعددة، وخوفًا على أنفسهم فقد قام الكيميتيون في مالي بإصدار بيان تبرءوا فيه من الشخص الذي أهان القرآن، وأعلنوا أنه لا ينتمي إلى جمعيتهم، ولا يوافقون على تصرفاته، وأضافوا أنهم يحترمون كل الأديان في مالي، ولا يهدفون الإساءة لأيّ دين، وهذا البيان يتنافى مع تصريحات رئيس الحركة دومبي فاكولي الذي دافع عن المجرم الأثيم.
4- قد يتم استخدام هذه الحركة الكيميتية من قبل الخارج في إحداث مشاكل أو أزمات داخل الدول الإفريقية أو تغذيتها من الخارج ودعم انتشارها حتى تستفحل، ومِن ثَم يتم استخدامها للضغط على الحكومات الإفريقية، وخاصة مِن قِبَل إسرائيل وبعض دول الغرب التي لها أجندات ومخططات داخل دول القارة، بل يمكن صناعة مليشيات مُسلَّحة من بينهم لتنفيذ أجندات خارجية تضرّ بمصالح الدولة الوطنية في إفريقيا
5- قد يحدث تأثير سلبي على العلاقات العربية الإفريقية، حيث أن عدائهم للعرب والإسلام، وإهانتهم لمقدساتهم قد يؤثر سلبًا على العلاقات العربية الإفريقية، وخاصة على العرب القاطنين في شمال إفريقيا، كما أنهم بأفكارهم الهدامة يخدمون الأفكار الاستعمارية التي تقسم القارة إلى شمال وجنوب الصحراء، وتجعل الشمال عرب، والجنوب أفارقة، وهو تقسيم غير صحيح.
6- التأثير السلبي على العلاقات المصرية الإفريقية: حيث إن أفكارهم قد تم رَفْضها على المستوى الشعبي، والمستوى الأكاديمي المصري، وخاصة فكرة الأصل الزنجي للحضارة المصرية القديمة، وأفكار حركة الأفروسنتريك، الذين تعرضوا للنقد من قبل المصريين بعد طرحهم لأفكارهم في مؤتمر أسوان الذي تحدثنا عنه أعلاه؛ حيث تم اتهامهم بأنهم يسعون إلى سرقة التاريخ والهوية المصرية ونسبتها إلى أنفسهم، وهو ما جعل العديد من البرامج التلفزيونية تتناول ذلك الأمر وتُحذّر من مخاطره، بينما تتسامح بعض مؤسسات الدولة كوزارة السياحة المصرية مع أفكارهم، أو تغض الطرف عنها أو تجهل حقيقتها، في مقابل تشجيع قطاع السياحة الذي واجه العديد من الصعوبات خلال السنوات الماضية، والسماح لهم بممارسة طقوسهم كاليوجا الكيميتية لاستقطاب السياح، وزيادة العملة الصعبة للخزانة المصرية.
ج- الانتقادات التي وُجِّهت إليهم:
تعرض الفكر الكيميتي للعديد من الانتقادات والتي من بينها ما يلي:
1- تركيزهم على نموذج حضاري واحد: حيث إن جُلّ تركيزهم منصبٌّ على الدين المصري القديم، والحضارة المصرية القديمة ومحاولة التمسح والالتصاق بها، مع إهمال باقي الحضارات والأديان التقليدية التي كانت منتشرة في ربوع القارة الإفريقية.
2- اتهامهم بالتناقض الفكري: حيث إنهم يدعون إلى التخلي عن الأديان التوحيدية بوصفها أديانًا وافدة من الخارج، ومع ذلك فإن فكر الكيميتيين نفسه يُعدّ وافدًا من الخارج وخاصة من الغرب، كما أن أصول فكرهم كذلك نشأت على يد بعض المثقفين الأفارقة الذين درسوا وتعلموا في الغرب كشيخ أنت ديوب وغيره، ولم تنشأ داخليًّا على يد أبناء القارة من الداخل.
3- اتهامهم بالانحراف في فهم أطروحات وأفكار شيخ أنت ديوب: حيث يرى البعض أن شيخ أنت ديوب لم يدعُ إلى أفكارهم، وإنما كان يدعو إلى تكييف الإسلام مع الثقافة الإفريقية، وينتقد فقط الميل إلى الرغبة في تعريب المسلمين؛ حيث إنه يمكن أن يكون المرء مسلمًا دون أن يكون عربًّيا، مثلما يمكن أن يكون الشخص عربيًّا دون أن يكون مسلمًا، كما يدافع البعض عن شيخ أنت ديوب وينفي اتهامه بكونه مؤسس الكيميتية، ويستدلون بما ذكره في كتاباته من أن “الدين مسألة شخصية، ولا يمكن لمن يَعتبر الدين شأنًا شخصيًّا أن يجرؤ على مهاجمة عقيدة أخيه”، وبالتالي فهو لم يدعُ إلى مهاجمة الأديان كما يفعل أتباع الكيميتية. بينما يرى آخرون أن شيخ أنت ديوب هو مؤسس التاريخ الحديث للدين الإفريقي، وأنه كان يرى أن المسيحية والإسلام في إفريقيا كانتا أشكالاً خبيثة للسيطرة على إفريقيا، ويجب إدانتها، وهو ما يجعلنا نتوقف في أمره لوجود حاجة إلى المزيد من البحث، كما نتساءل: هل كان يرى هذه الأمور لو صحت على المستوى النظري والفكري فقط أم أنه دعا إلى إعادة إحياء الدين المصري القديم وممارسته وتطبيقه واقعيًّا، أم أن الذين تأثروا بأفكاره هم مَن قرروا الدعوة لإعادة إحياء الوثنية المصرية القديمة تحت مسمى الكيميتية.([18])
4- نقد أقوالهم الكاذبة التي تزعم أن الإسلام استعبد الأفارقة: حيث تحدَّى بعض الباحثين منظّريهم بأن يكشفوا عن مصادر تدل على تلك الادعاءات، مؤكدين أن الإسلام انتشر في معظم دول القارة الإفريقية بالطرق السلمية، وخاصةً في دول غرب إفريقيا، وأن عمليات تجارة الرقيق التي تمت على يد بعض العرب لم تكن نابعة من قواعد الإسلام الذي نادى بتحرير الرقيق والمساواة بين جميع البشر.
5- تركيزهم على التفاخر بالماضي، وتخاذلهم عن القيام بدور حضاري معاصر: حيث إن مشكلتهم الكبرى هم والعديد من المفكرين الأفارقة المعاصرين أنهم يملؤون فراغًا عقليًّا كبيرًا بالحديث عن الماضي الإفريقي والتاريخ الإفريقي، والجدل حول نظريات السبق الحضاري للزنوج، مع تركهم لمشاكل الشعوب الإفريقية المعاصرة، وعدم سعيهم للقيام بدور حضاري في عالم اليوم، مع اعتمادهم في شتى مناحي حياتهم على اختراعات الرجل الأبيض، مع ذمهم له ليلاً ونهارًا، بل حتى إنهم عجزوا عن وضع أدوات مناسبة للتصدي لهيمنة الرجل الأبيض بمؤسساته الدولية المختلفة على الحياة والنظام العالمي بأكمله، بل تخلى العديد من العلماء والأكاديميين الأفارقة عن دورهم الكفاحي في الإصلاح والتغيير الاجتماعي، ومكافحة النظم الفاسدة داخل القارة، وشغلوا الرأي العام بنظريات السبق الحضاري للزنوج تاريخيًّا، مبتعدين عن محاولة القيام بدور حضاري في الوقت المعاصر مع تبرير هذا العجز بكونه أحد مخلفات المرحلة الاستعمارية، وفي نفس الوقت يقوم العديد من هؤلاء الأكاديميين بدعم النظم السياسية الفاسدة والمستبدة، والدفاع عنها وإقامة المصالح معها بهدف الحصول على المنافع والمكاسب المادية والاجتماعية، وهو ما يُعدّ بمثابة خيانة للشعوب من قبل المثقفين، فمسألة التخلي عن قصايا الواقع ومشكلاته وتأجيلها أو تبديلها بقضايا الماضي هو أمر منتشر في ربوع القارة، وتُغذّيه النظم السياسية الحاكمة أحيانًا لتشغل الرأي العام به، ليظل بعيدًا عن الانشغال بمشكلات واقعه، وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة النظر من أجل الأفارقة أنفسهم حتى يستطيعوا القيام بدور حضاري في العالم المعاصر الذي سيكون ماضيًا تاريخيًّا مع مرور الأيام، وهو ما يجعله الكيميتيون في مرحلة تالية لم يحن وقتها لديهم، معتقدين أن هناك مرحلة أولية تتمثل في الرجوع إلى الجذور حتى يستطيعوا أن ينتقلوا إلى المراحل التالية والقدرة على القيام بدور حضاري، وهو ما يمثل نوعًا من العبث الفكري على حد تصوري الشخصي.
6- معاناتهم من عقدة الدونية التي فرضت عليهم من قبل الاستعمار: حيث إنهم ليس لديهم قدرة على إقامة مصالحة مع الذات، وكذلك عدم قدرتهم على التمييز بين الاستعمار الأوروبي الذي عانى منه العرب والأفارقة معًا في وقتٍ واحدٍ، والفتوحات الإسلامية التي نشرت الوعي والرحمة في ربوع القارة، والتي أتصور أن حركة الفتوحات الإسلامية لو لم تقم بالانتقال من شمال إفريقيا إلى أوروبا، وركزت على فتح واستعراب القارة الإفريقية بأكملها في ذلك الوقت المتقدم لكانت القارة ستكون كلها مسلمة، ومستعربة الآن؛ حيث إن قوة المسلمين في مرحلة الفتوحات في ذلك الوقت، وأعتقد أنه لم يكن هناك قوة داخل القارة الإفريقية تستطيع الصمود أمامها، وكان من السهل فتح القارة، بدلاً من الانتقال لأوروبا وفتح الأندلس التي سقطت لاحقًا، وعادت مرة أخرى للأوروبيين.
سادسًا: كيفية التصدي لمشروعهم الفكري:
يمكن أن نذكر مجموعة من الأفكار التي يمكن من خلالها التصدي لمشروع الحركة الكيميتية، وتتمثل فيما يلي:
1- التوعية من مخاطر الفكر الكيميتي، مِن قِبَل المؤسسات الدينية والعلمية والجامعية، والتحذير من اعتناقه، وكذلك استخدام الخطاب الديني السلمي للرد على أكاذيب أنصار الفكر الكيميتي التي يروجونها.
2- حظر الجمعيات والمؤسسات التي تروّج لهذا الفكر في الدول الإفريقية، وإلغاء التراخيص الممنوحة لها في حال اكتشاف أنهم يتحايلون من أجل التستر خلف الجمعيات الثقافية لنشر أفكارهم.
3- ضرورة معاقبة كل من ينتمي ويروج لأفكارهم في إطار القانون، وخاصةً في حالة تعرضهم للمقدسات أو الشعائر التي تثير غضب الرأي العام، ولا تحترم العقائد الدينية التوحيدية.
4- تجفيف مصادر تمويل القائمين على نشر الفكر الكيميتي، وحظر هذا الحركة بحكم القانون، ومصادرة ممتلكاتها، ومعاقبة مَن يُموّلها أو يعتنق أفكارها، وكذلك مَنع نشر وطباعة الكتب التابعة لهم بحكم القانون.
5- غلق القنوات الفضائية، والمواقع الإلكترونية، والحسابات التابعة لهم على مِنَصَّات وسائل التواصل الاجتماعي التي تُروّج لأفكارهم.
6- تتبع رموزهم الفكرية وكشفها أمام الجماهير؛ حتى يكونوا على دراية بأمرهم؛ حيث إن العديد من منظري الكيميتية يتم تلميعهم أمام الرأي العام، ويتم منحهم الجوائز والتكريمات؛ حتى يكون لكلامهم صدًى في نفوس المتلقين، كما أنهم يحظون بدعم بعض كبار المسؤولين والوزراء في بعض دول القارة، وخاصةً وزراء الثقافة الذين يعتبرونهم مخلصين للثقافة الإفريقية، ولهذا يجب تبيين حقيقتهم من أجل الصالح العام، وخاصة أنهم قد ينكرون بعض ما ذكرناه عنهم في ثنايا ذلك المقال، غير أنهم طوائف متعددة، وقد سعينا إلى وضع تصور عام عن أفكار شتى هذه الطوائف، مع التركيز على طوائفهم الموجودة في إفريقيا.
الخاتمة:
في ختام هذه المقالة يمكن أن نشير إلى التوصيات التالية:
1- نوصي الباحثين بالقيام بالمزيد من البحث والمطالعة في هذا الموضوع؛ لكونه من الموضوعات الجديدة وغير المطروقة بصورة أكاديمية من ذي قبل؛ حيث هناك حاجة للإلمام بكافة مضامينه وأبعاده، وهو ما يمكن أن يصلح موضوعًا لرسالة ماجستير في الدراسات الإفريقية للراغبين في الكتابة فيه.
2- نوصي كذلك بدراسة أفكار شيخ أنت ديوب الدينية؛ من خلال فحص مفصَّل لكل كتبه وأعماله العلمية؛ لكي يمكن إصدار حكم محايد وصادق على فكر شيخ أنت ديوب الديني، ومدى صحة نسبة الفكر الكيميتي إليه، وهذا الموضوع يصلح لأن يكون موضوعًا للدكتوراه في الفكر الإفريقي.
المراجع والهوامش:
([1]“-(Qu’est-ce que le kémitisme ?” , at , https://africa.la-croix.com/quest-ce-que-le-kemitisme , 8/11/2022.
([2]-(Louise Flatley ;” The Ancient Egyptian Religion Making a Comeback in the Modern World” , at , https://www.thevintagenews.com/2018/10/11/kemetism/?chrome=1&Exc_D_LessThanPoint , 11/10/2018 .
([3]-(“Kemetic (Egyptian) Spirituality: The Oldest Faith Tradition” , at , https://patch.com/new-jersey/newarknj/kemetic-egyptian-spirituality-oldest-faith-tradition , 14/1/2021
([4](-“What is Kemetic spirituality / Kemetism?” , at , https://www.gotquestions.org/Kemetic-spirituality.html
([5]( -“All about kemetism religion” , at , https://world-religions.info/kemetism-religion , 23/9/2021.
([6]( -Michelle Daugherty ;” Kemetism – Ancient Religions in our Modern World” , at , https://web.archive.org/web/20180228030246/http://anthropology.msu.edu/anp455-fs14/2014/10/02/kemetism-ancient-religions-in-our-modern-world . 2/10/2014.
([7]-(SOGUE DIARISSO ; “QUAND MASSALIKUL JINAAN VIENT NOUS RAPPELER L’ÉVIDENCE” , at , https://www.seneplus.com/opinions/quand-massalikul-jinaan-vient-nous-rappeler-levidence , 25/9/2019.
([8]( -Traoré Adama ; ” CHEIKH ANTA DIOP ET L’HISTOIRE DE LA RELIGION AFRICAINE : LES SOURCES COSMO- THEOLOGIQUES PHILOSOPHIQUES AFRICAINES DES RELIGIONS REVELEES” , at , https://dyabukam.com/index.php/fr/savoir/philosophie/item/766-les-sources-cosmo-theologiques-philosophiques-africaines-des-religions-revelees , 29/7/2017 .
([9]( -“Nekhet ankh, the life force: Kemetic Sciences Studies – an enlightenment” , at , https://sfbayview.com/2021/05/nekhet-ankh-the-life-force-kemetic-sciences-studies-an-enlightenment , 4/5/2021.
([10]( – Sean McShee ;” Egyptian Archaeology, Dignity and Ethics” , at , https://wildhunt.org/2022/02/egyptian-archaeology-dignity-and-ethics.html , 1/2/2022 .
([11]( -AZIZ ZEMOURI ;” Les idées «noires» de la Tribu Ka” , at , https://www.lefigaro.fr/lefigaromagazine/2006/06/09/01006-20060609ARTMAG90381-les_idees_noires_de_la_tribu_ka.php 9/6/2006.
([12]( -“Nouvel an africain : « Il y a eu un travail de déconstruction de la religion africaine » selon Bayala Lianhoué Imhotep” , at , https://www.radarsburkina.net/index.php/fr/societe/3066-nouvel-an-africain-il-y-a-eu-un-travail-de-deconstruction-de-la-religion-africaine-selon-bayala-lianhoue-imhotep , 16/7/2022.
([13]( -Le rassemblement pour la réhabilitation de la religion negro africaine : apports scientifiques de l’Afrique au reste du monde , at , https://maliactu.net/le-rassemblement-pour-la-rehabilitation-de-la-religion-negro-africaine-apports-scientifiques-de-lafrique-au-reste-du-monde , 26/8/2022.
([14]( -“AFFAIRE DE BLASPHÈME: MANDAT DE DÉPÔT CONTRE DOUMBI FAKOLY ET 5 AUTRES” , at , http://bamada.net/affaire-de-blaspheme-mandat-de-depot-contre-doumbi-fakoly-et-5-autres , 7/11/2022.
([15]“-(JEAN CHARLES COOVI GOMEZ” , at , http://www.laawan.com/fr/2-non-categorise/349-jean-charles-coovi-gomez.html .
([16]( -“Mbog Bassong” , at , https://www.babelio.com/auteur/Mbog-Bassong/353492 .
([17]( -“Jean-Philippe Omotunde ” , at , http://www.africine.org/personne/jean-philippe-omotunde .
([18]( -ASANTE Harouna ; “Cheikh Anta Diop sur le rejet du passé sabéen des musulmans soudanais” , at , https://www.xalimasn.com/cheikh-anta-diop-sur-le-rejet-du-passe-sabeen-des-musulmans-soudanais-par-asante-harouna , 15/4/2022.
المصدر : قراءات إفريقية