مشاهد يعتقد أنها وحي من أفلام، مئات القتلى في قرى متهالكة يفترشون الأرض، قتل مستباح وأرواح هدرت بدم بارد، في واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية إيلامًا ووحشية تشهدها العالم.
وشهدت بوركينا فاسو مجازر بشعة أدت إلى سقوط المئات من الضحايا الأبرياء، تلك المأساة الكارثية التي شهدتها هذه الدولة الأفريقية أثارت استنكارًا وتنديدا واسعا لحقوقيين ومراقبون، حيث تم تنفيذ هذه المجزرة الوحشية على يد الجيش البوركينابي.
وصورت مشاهد وثقت تلك الإبادة أشخاص قتلوا رميا بالرصاص من مسافة قريبة، من ضمنهم أم فارقت الحياة، يتشبث بها رضيعها، تتعالى صرخات الرضيع، بجانب أمه التي توقفت أنفاسها، يحاول لعله تستجيب له وأن تنتشله من الأرض، ولكن دون جدوى فالجميع قد مات ولايوجد سوى الطيور والحيوانات التي تتنقل فوق الجثث وصوت الرياح التي طغت على صوت الحياة، وعلى الجانب الآخر رضيع لا يحرك سوى عيناه من هول الصدمة..
بدأ الكابوس في حيٍ (فيتوغولي) و( هوكولور) ببوركينا فاسو، حيث كان الأطفال يلهون والنساء يعملن والشيوخ يستريحون، وفي لحظةٍ غير متوقعة، تحولت هذه الحياة الهادئة إلى جحيمٍ، حيث فتح الجيش البوركينابي النار على المدنيين العزل، وسقط على إثر ذلك أكثر من 200 شخص ضحايا لهذه المجزرة الوحشية، وتضمنت الضحايا الأطفال والنساء والشيوخ.
أعلنت السلطات البوركينابية فيما بعد بأن هذه العملية كانت استهدافًا لمجموعة إرهابية، ولكن منظمات حقوق الإنسان والمراقبين المحليين يشككون في تلك التفسيرات ويصفون هذه الأحداث بأنها جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية.
حمود، رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، أدان بشدة هذه المجازر ووصفها بأنها أعمال وحشية لا تمت للإنسانية بصلة.
يقول الصوفي. حمود في تصريح خاص لـ”الرؤى الأفريقية”، “إنها مجازر مؤلمة ترقى إلى جرائم ضد الانسانية، إنها إبادة جماعية لمواطنين عزل نستنكرها وندينها أشد التنديد، نحن في المنظمات الحقوقية عند إرتكاب مثل هذه الجرائم أولا نتاكد من مرتكبي هذه الجريمة”.
ويضيف الصوفي “إذا كان المرتكب جيش رسمي فيجب نقل القضية إلى الأمم المتحدة والمطالبة بوضع عقوبات على النظام المجرم في حق الانسانية واتخاذ إجراءات سريعة لحماية المواطنين، وإذا كانت عملية إرهابية بتنفيذ عصابة فنطالب الدولة باتخاذ جميع التدابير اللازمة والاستعانة بالدول الأخرى من أجل بسط الأمن”.
وشدد الصوفي على أنه “في مثل هذه المجزرة يجب المطالبة بتأمين حاجيات الأطفال الذين فقدوا أهلهم وحمايتهم والتدبير على تربيتهم وتعليمهم”.
وقبل أيام، أعلنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، عن مجزرة بشعة جديدة ارتكبها الجيش البوركيني في يوم الثلاثاء الموافق 12- ديسمبر الجاري، بحق المدنيين العزل، وكشفت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين عن ذلك في بيان لها بأنه “قام الجيش البوركيني بمجزرة بشعة ضد المدنيين الأبرياء، وذلك في دوريتهم التي مرت على قرى آمنة من بينها (فيتوغولي) و( هوكولور) وفيها وقع أكثر ضحايا هذا الإجرام حيث قتلوا أكثر من (218) شخصا أغلبهم من النساء والأطفال”.
وبينما يتعالى صوت الغضب والاستنكار، يطالب حقوقيون وناشطون المجتمع الدولي بسرعة التحقيق في هذه الجرائم ومحاسبة المسؤولين، وعلى ضرورة أن تتخذ الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية إجراءات فورية لوقف تلك المجازر الوحشية وضمان أن لا يفلت المرتكبون عن عقابهم.
المأساة التي شهدتها بوركينا فاسو تستلزم ضرورة التصدي للظلم والعنف الذي يستهدف المدنيين الأبرياء المتكرر الذي يمارس ليلا ونهارا دون أي رادع، فالحماية الدولية لهؤلاء المدنيين يجب أن تكون أولوية قصوى.