بعد أن كشفت الحكومة الجزائرية من جانبها قبول السلطات النيجرية رسميا وساطتها الهادفة إلى بلورة حل سياسي للأزمة في إطار المبادرة التي تقدم بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون نهاية أغسطس الماضي، العديد من السياسين في النيجر أيدوا تلك المبادرة وتبنوا مواقفا داعمة لها، متأملين نجاحها في انتشال بالبلاد من أزمته.
“الرؤى الإفريقية” حاورت السيد عمر الانصاري عضو حزب التجديد الديموقراطي والجمهوري بالنيجر، والذي تبنى المبادرة الجزائرية جاهدا في أن يكون موقفه محايدا وموحدا تجاه السلطات المعزولة وسلطات أمر الواقع، لمصلحة البلاد، بدوره كشف لنا أسباب تبنيه لها، وتفاصيل هامة عنها في نص الحوار التالي..
-السيد عمر الأنصاري أنتم ضمن الوجوه التي ظهرت تدافع عن المبادرة الجزائرية، فلماذا تبنيتم هذه المبادرة؟
المبادرة الجزائرية جاءت مفصلة على الإرادة السياسية والشعبية للشعب النيجري، فهي تحل الأزمة السياسية جذريا باستدعاء جميع أطياف الفاعلين من الساسة والعسكر والزعماء التقليدين، للوصول إلى حل جذري لمسألة من يقود البلاد لمرحلة انتقالية توافقية، يتم فيها اختيار الرئيس الشرعي للبلاد بعد انتخابات شفافة ونزيهة، كما تسعى المبادرة للدعم محليا تسعى للتقارب الاقليمي مع منظمة الايكواس ودول الجوار لدعم المبادرة وكذلك الدعم الدولي.
كما ركزت المبادرة على استرجاع النظام الدستوري المطلوب إقليميا ودوليا، وركزت على نقطة تنمية الساحل كذلك وعدم التنمية أكبر ثغرة تدخل بها الجماعات الإرهابية والمشاريع الخبيثة لمنطقة الساحل، ومبادرة الجزائر لردم تلك الثغرة، لاستتاب الأمن والاستقرار.
فلا شك أن المبادرة بمحاورها تسعى لحل أزمة النيجر جذريا، ويخدم ذلك منطقة الساحل أمنيا للغاية.
- ما معنى تحل الخلاف السياسي جذريا؟
نعم المتابع للأزمة السياسية النيجرية يعرف انها ليست وليدة هذا الانقلاب بل منذ خلاف الرئيس الراحل تانجا مامدو مع رئيس حكومته هما أمادو 2007 ما أدى إلى سجن الأخير ثم مطالبة تانجا بمرحلة ثالثة ما ادى للانقلاب عليه 2011 مدعوما من فرنسا، وتحالف هما مع إسوفو لاسقاط حزب تانجا الذي يقوده سيني عمرو.
فهدأ الأمر سنتين ثم نشب الخلاف بين اسوفو وهما إلى يومنا هذا، وسجنه 2016 ما ادى لمقاطعة المعارضة لانتخابات الجولة الثانية ففاز اسوفو على نفسه بنسبة 92%.
واستمر الخلاف السياسي بين المعارضة ونظام اسوفو ودعى أطياف من المعارضة لعدم التسجيل والتحضير لانتخابات 2021 لعدم جدواها في ظل الفساد الإداري وعدم استقلال لجنة الانتخابات وبعد حوار طويل رضخت المعارضة وزعم النظام استقلال اللجنة.
فتم تزوير الانتخابات لصالح الحزب الحاكم كما تخشى منه المعارضة من قبل؛ وتم سجن مئات من المواطنين الذين عارضوا نتائج تلك الانتخابات؛ كما تم سجن زعيم المعارضة هما أمادو أيضا بتهم سياسية باطلة منها زعزعة استقرار الأمن القومي.
ثم جاء الانقلاب ليعلن توقف هذا النظام ولبلاغة إعلان المجلس العسكري وايجازه لم يزد للمواطنين عن كلمة “أوقفنا النظام الذي تعرفونه” فخرج الآف تأييدا لايقاف النظام المعروف بالفساد الاداري والمالي.
بعد هذه النبذة يدرك القاري عمق محور استدعاء جميع أطياف الشعب النيجري وعدم اقصاء أي طرف، أن الجزائر تسعى لحل الأزمة السياسية النيجرية من جذورها، لتعود لطبيعة الحوار والتناوب السلمي.
- هل فعلا ردة الخارجية النيجرية مبادرة الجزائر؟
لم ترد الخارجية النيجرية على بيان الخارجية الجزائرية، بل ردت على استنتاجات خاطئة منتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأكد بيانها أنهم على توافق مبدئي، ويدرسون تفاصيل تطبيقها على أرض الواقع. - كسياسي ما هي جهودكم لتسوية الأزمة؟
تواصلت مع الزعماء التقليديين وعقدت اجتماع مع سلطان جنجو ونائب رئيس تنسيقية الزعماء التقليديين، وحاولت منهم تبني موقف محايد وموحد تجاه السلطات المعزولة وسلطات أمر الواقع، كما تواصلت مع الأئمة لتوعية المجتمع بأهمية الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي في هذه الفترة العصيبة.
وبعد إعلان رئيس الجزائر مبادرته لحل الأزمة سلميا، سارعت إلى مقابلة وزير خارجية سلطات أمر الواقع، وشرحت له أهمية المبادرة وأنها الملاذ الآمن لهم من تهديدات الإيكواس، ورفض ازدواجية معاير باريس إلى قبول حياد الجزائر ونزاهتها. - ما هو موقفك من السلطات المعزولة وسلطات أمر الواقع؟
أرى أن كلاها سلطات غير شرعية ولاتمثل إرادة الشعب النيجري.
فالسلطات المعزولة جاءت بانقلاب دستوري وجاءت بها انتخابات مزورة، وسلطات أمر الواقع جاء بها إنقلاب عسكري، فلا فرق بينهما، لذلك نسعى لتحقيق مرحلة انتقالية معقولة وينتخب الشعب النيجري من يمثله عبر انتخابات شفافة نزيهة تحت مراقبة وطنية وإقليمية ودولية.
وكانت الخارجية الجزائرية قد صرحت أن الرئيس عبد المجيد تبون كلّف وزير الخارجية أحمد عطاف بالتوجه إلى نيامي في أقرب وقت ممكن بهدف الشروع في مناقشات تحضيرية مع كافة الأطراف المعنية حول سبل تفعيل المبادرة الجزائرية.