تتعالى الأصوات الغاضبة المنندة والمستنكرة لحادثة حرق المصحف الشريف، من كل الدول العربية والأوربية، فقد باتت ظاهرة إحراق نسخ من المصحف في دول كثيرة وآخرها في مدينة لاهاي الهولندية، تثير امتعاض قطاعات واسعة من الناس؛ سيما أن من يقوم بها باسم حرية التعبير، وهو لا يمث لحرية الرأي والتعبير بأي صلة وإنما هو فعل عنصري يهدف إلى إهانة المسلمين وإثارتهم، وتنامي لظاهرة الإسلاموفوبيا.
وإبان حادثة حرق جديدة للمصحف في هولندا وتصاعد الاحتجاجات تنديدًا بالإساءة للقرآن، الرؤى الأفريقية نقلت غضب تلك الأصوات وكانت منبرًا لها..
الآراء توحدت بضرورة الضغط بالمقاطعة وتطنيش مثل تلك التصرفات الغير مسؤولة بالتجاهل، لكي لا تحقق مرادها وهدفها بـ”جلب الانتباه والشهرة”..
ولكن ما هو الموقف الشرعي للظاهرة؟ وما يجب أن يتخذ المسلمين من موقف في أوروبا تجاه الإساءة للقرآن الكريم؟
الموقف العربي هزيل
يعلق المهندس محمد بن محمد ردمان مقيم بالسويد على الحادثة قائلًا “حرق القرآن تكريس للكراسي والعنصرية ضد المسلمين، وموقف الدول العربية فهو هزيل ولايرتقي لمستوى رد الفعل لهذا الحدث وللأسف لو تم إحراق صورة رئيس أوأمير أوعلم أي دولة لكانت ردود الفعل أكبر وأقوى بكثير ولكان قطع العلاقات التجارية والدبلوماسية”.
وأردف بلهجة غاضبة “ولكن كلام الله أهون عند الحكام العرب من كراسيهم، وسوف يسألون يوم القيامة عن هوان كلام الله عندهم، ولانقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل”.
الحل بالمقاطعة
محمد عبدالهادي هو سياسي هولندي فيرى أن “الحل هو استخدام وسائل المقاطعة للدول الإسلامية التي لديها ثقل اقتصادي كبير جدًا و مؤثر عندها هذه الدول سوف تجد الدافع و الطرق لتغير المواد القانونية التي تسمح بهذا النوع من ما يسمى بحرية التعبير، الدول الإسلامية وخاصة العربية لديها وزن اقتصادي وتأثير كبير جدًا، أما ردود الأفعال العنيفة هذه سوف تحقق الأهداف العنصرية، وسوف تضر بالمسلمين في أوروبا أكثر من نفعهم لها”.
فعل ناتج للفت الانتباه والشهرة
يتحدث عبدالله الشريف مقيم في فرنسا الفعل هو نابع من أمرين: أولهما حب الشهرة والظهور في وسائل الإعلام، الثاني الصياح الذي يصاحب هذه الظاهرة من مدعي الإسلام، الذين تجد أغلبهم شارب خمر لايصلي ولا يعرف لله أمر ولا نهي ويدعي الإسلام، الحل بسيط مع هذا الموضوع التطنيش”.
وتؤيده في الرأي سيدة الأعمال السويدية علياء عبدالله التي علقت على الحادثة “المجتمعات الأوروبية لا توافق على حرق المقدسات وهاردلك اللذين يحرقون المصحف الشريف هم يحرقونه من أجل لفت الانتباه اليهم لجني الأموال فعلى سبيل المثال العراقي الذي أحرق نسخة من المصحف كانت إقامته منتهية وعليه ديون ولديه حالة اقتصادية وسياسية سيئة جدًا واختار حرق المصف في يوم عيد ونجح في لفت انتباه الأنظار إليه وأصبح الآلاف يتابعون قناته في وسائل التواصل الاجتماعي وتنهال عليه الإعلانات ويكسب الملايين، وأيضًا أصبح حزب اليمين المتطرف يدعمه من أجل استغلال ذلك في أجندته المتطرفة ضد المسلمين والمهاجرين بشكل عام”.
ومن وجهة نظر علياء فإن “الحلول تتمثل في تجاهل هاؤلاء لأن اللذين يشاهدون محتواهم من المسلمين يزيدون من تحقيق أهدافه، كما أن رجال الأعمال المسلمون أيضًا يجب أن يضغطوا لكي يتم إيقاف هذا لأن القوة الإقتصادية تغير أي شيء”.
الموقف الشرعي
الشيخ فارس يسلم، دكتور في الشريعة والقانون، يوضح موقف الدين من المسألة:
“إذا كان في بلاد المسلمين والذي فعله منهم، فيرفع أمره إلى القضاء، ويحكم بردته؛ لأن هذا مما لا خلاف فيه طعن فيما عُلم بالدين بالضرورة، قاطعة ما يخرج وينتج من هذه البلاد”.
“وإن كان في غير بلاد المسلمين، وليس للمسلمين سلطة في محاكمته، فالأولى ترك مثل هذه البلاد والخروج منها، مع ترك كل ما يؤتى منها تعظيما لكلام الله، أما حرية الرأي، نعم لكن في غير المعلوم بالدين بالضرورة، بل حتى النصارى لا يرضون فيمن يتكلم في صليبهم الذي يعبدونه من دون الله، ولم يقولوا حرية الرأي، فالمشكلة أن يحدث ممن ينتسب إلى الإسلام وهو جاهل عنه كل الجهل، والله أعلم”.
وحرق المصحف أمام سفارات عدد من الدول في مدينة لاهاي الهولندية ليست الحادثة الأولى من نوعها؛ فقد أقدم عدد من المتطرفين قبل ذلك على حرق المصحف الشريف في دول عديدة، وعدم أخذ مواقف صارمة للحد منها ومحاسبة مرتكبيها بأشد العقوبات هو ما شجع على تكراراها..
ففي بداية شهر سبتمبر الجاري شهدت السويد أعمال شغب بإضرام النيران في عدد من المركبات، إذ تجمع نحو مئة شخص في تظاهرة احتجاجية على حرق المصحف، في الساحة الرئيسية لمنطقة فارنهيمستورجيت في مدينة مالمو، إذ أشعل اللاجئ العراقي موميكا النار في المصحف.